هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

19: أنطوان مسرّة: سأستمرّ…

الكلمة الأَحَبّ

ما الكلمة؟ مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟
للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.
كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامك إياها أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟
هذه السلسلة: “الكلمة الأَحَبّ”، أسئلةٌ نطرحها على المعنيّين بالكلمة كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و”لغات اللغة” انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.
بعد ثمانية عشر جواباً من وليد غلمية وعبدالله نعمان وإملي نصرالله وأمين ألبرت الريحاني وجوزف أبي ضاهر وسلوى السنيورة بعاصيري وجوزف جبرا وزهيدة درويش جبور ومي منسّى وهدى النعماني وغالب غانم ومحمد بعلبكي وهشام جارودي وألكسندر نجار وجورجيت جبارة وغازي قهوجي وسمير عطالله وإلهام كلاّب البساط، هنا الجواب التاسع عشر من الباحث الجامعي الدكتور أنطوان مسرّة. هنري زغيب
email@henrizoghaib.com

___________________________________
________________________________________
________________________________________________

19) أنطوان مسرّة : “سأستمرّ…”
الأربعاء 13 تشرين الأول 2010

كان شعار العالِم والفنّان ليونار داڤنشي: “سأستمر”.
والاستمرارية تشمل أهم الفضائل في الإرادة والتصميم والثبات والثقة بالقدرة الذاتية وبالحياة الأقوى من الموت.
الأشرار والمتقاعسون والمتردّدون والمشككّون، يتركونك وحيدًا، مُراهنين على عدم استمراريتك.
لكنك تستمرّ، وربما وحدك… ووحيدًا.
الاستمرارية نقيضُ القول السطحي السائد: “الخطوة الأولى هي الأهَمّ”!
الخطوة الأولى فيها عفويةٌ وحماسةٌ واندفاع. وهذه كلُّها ضرورية للتحرّك. لكن الصعوبة الكبرى هي في الخطوات الثانية والثالثة والمئة، برغم مُمانعة الآخرين والتعب والإرهاق والفشل والتشاؤم.
كم من الناس يخطون الخطوة الأولى، وربما الثانية، ثم يتوقّفون مُتذرّعين (عن حق) بالصعوبات والوقائع والظروف والأوضاع.
الاستمرارية هي الوجه الآخر للأبدية، ولكن من دون المشقات والمتاعب والمعاناة البشرية.
هي الوجه الآخر لقوة الخير الذي يَبني على أنقاض ما تُخلِّفه الشرور.
من المُحزن ألاّ يكون، في لبنان خصوصاً وفي المجتمعات العربية عموماً، ما يتمتع بصفات الاستدامة. بل السائد هو الارتجال في الحياة الخاصة والعامة.
هذه الظاهرة التي تناقض التنمية، مُعالجتُها تكون في تربية لبنانية وعربية تمكينية.
سُئل المطران جورج يوماً عن رأيه في الأُصوليات فأجاب: “ستزول لأنْ ليس لدى العرب شيءٌ مستدام”!
اليوم، بعد ما يزيد عن نصف قرن من الجهد، لستُ متحمّساً للاستمرارية.
ولست “متفائلاً” بحسب التوصيف السائد.
المتشائم أكثر ذكاءً لكنه كسول.
المتشائم (عكس الانطباع السائد) ليس واقعياً لأن التشاؤم يزيد المشكلة تعقيدًا ولا يعالج أيّ مشكلة.
كم أتمنى الراحة من متاعب الاستمرارية!
في قصيدة ألفرد دو ڤينيي عن النبي موسى، يتوجه موسى الى الله مردّدًا:
“الى متى أظلُّ كبيرًا ووحيدًا؟
أتركني، يا رب، أرقد في نوم التراب.”
لكن موسى يستمرّ.
الاستمرارية ليست خيارًا.
إنها ضرورةٌ ملازمةٌ فصولَ الحياة.
___________________________________________
*) الأربعاء المقبل- الحلقة العشرون: فاديا كيوان