هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

ج) في لغة النثر

ج) في لغة النثر

 

لغة النثر؟

طبعاً. للنثر لُغَتُه، بل لُغاتُه، كما للشعر لُغَتُهُ بل لُغاتُه.

في مسرحية “البورجوازي النبيل” كتب موليير[1] هذا الحوار بين البورجوازي ومعلِّم الفلسفة:

البورجوازيّ      : سأُسِرُّ لكَ بأمر حميم: أنا عاشقٌ، سِراً، سيدةً ذات مكانة عالية. وأريدُك تساعدُني في كتابة

                             عبارةٍ إليها على هذه البطاقة التي سأتركها تسقط عند قدَميها.

معلّم الفلسفة    : حاضر.

البورجوازيّ      : ألا يكون ذلك نبيلاً؟

معلّم الفلسفة    : طبعاً. أتريدُها شعراً؟

البورجوازيّ      : لا، لا. لا أريد شعراً.

معلّم الفلسفة    : يعني… تريدها نثراً.

البورجوازيّ      : كلاّ… لا نثراً أريدُها ولا شِعراً.

معلّم الفلسفة    : مستحيل. يجب أن تكون نثراً أو شعراً.

البورجوازيّ      : لِماذا؟

معلّم الفلسفة    : لأن في اللغة شكلَي تعبيرٍ فقط: شعراً أو نثراً.

البورجوازيّ      : ليس إلاّ الشعر والنثر؟

معلّم الفلسفة    : صحيح. كل ما ليس نثراً هو شعر، وكل ما ليس شعراً هو نثر.

البورجوازيّ      : والذي نتخاطب به الآن؟

معلّم الفلسفة    : هذا نثر.

البورجوازيّ      : حين أقول لخادمتي: “هاتي لي خُفَّيَّ وطاقيّة الليل”، أكون أتكلّم النثر؟

معلّم الفلسفة    : نعم.

البورجوازيّ      : أُفّ!!! يعني أنني منذ أربعين سنةً أتكلَّم النثر ولا أدري! شكراً لأنك علَّمْتَنيها”.

يقود هذا الحوار إلى اعتبار الكثيرين أن النثر هو من تحصيل الحاصل: حين لا نقول شعراً (بما للشعر من أُصولٍ ونُظُم) نقول نثراً.



[1] ) مسرحي فرنسي (1622-1673) اشتهر بكوميدياته اللاذعة، له البخيل، النساء المتحذلقات، والبورجوازي النبيل التي فيها هذا المقطع من الفصل الثاني، المشهد الرابع.