هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

2: عبدالله نعمان: العُجالة

الأربعاء 16 حزيران 2010

الكلمة الأَحَبّ

ما الكلمة؟ حروفٌ، مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو معنى، ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟
للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.
وللكلمة مدلولٌ ذو بُعدٍ شَخصيٍّ: عاطفي، اجتماعي، روحاني، أو حتى مهني (كلمة “بَحر”، مثلاً، تَعني للشاعر غير ما تعني للرسام أو الموسيقي أو البحّار). من هنا ارتباط الكلمة بالموقع (المكان، البيئة، المهنة، الخبرة،…) وبشخصية مستخدمها.
وللكلمة معناها الاصطلاحي الكَيفي، من هنا علاقتها بالمعنى، بالمدلول. (كلمة “أحمر”، مثلاً، تعني الكَرَز لأحدهم، والدم لثانٍ، والتفاحة لثالث، والعلَم اللبناني لرابع، الخ…). ما علاقة الكلمة بالمعنى؟ بالمدلول؟ بالسياق؟
وللكلمة تاريخها وأصلُها وهُويتها: هل هي بنتُ لغَتِها؟ مركّبة؟ مستوردَة من لغة أخرى؟ مترجَمة عن لغة أخرى؟
هذه السلسلة: “الكلمة الأَحَبّ” لتُجيب عن كلّ هذا الأعلاه.
كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامها لديك أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟
سؤال نطرحه على المعنيّين بالكلمة: كُتّاباً، شعراء، أدباء، مبدعين، مؤلفين، موسيقيين، مسرحيين، رسامين، نحاتين، أكاديميين، مثقّفين، … كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و”لغات اللغة” انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.
بعد جواب وليد غلمية، هنا جواب الكاتب اللبناني (في الفرنسية) الدكتور عبدالله نعمان، الملحق الثقافي لدى السفارة اللبنانية في باريس.
هنري زغيب
email@henrizoghaib.com

______________________________________________________________________________________________________
2) عبدالله نعمان: العُجالة

كثيراً ما أستعملُ هذه الكلمة (العُجالة) في حديثي وفي كتاباتي، لأنها تعبّر، في صدقٍ ودقّة، عن عصرنا الذي تبحث فيه وسائل التخاطب والتواصل عن الخبر العاجل، وتتطلّب السرعة والاقتضاب، حتى بات الناشر يشترط على الكاتب ألاّ تتعدّى مقالته صفحةً أو اثنتين. وفي المجال العلمي نادراً ما يصدر اليوم كتاب يتجاوز المئتي صفحة، قطعاً وسطاً أو صغيراً.
أكثرُ الناس علْماً ومعرفةً يستطيع التعبير عن رأيه في بضع دقائق. وأعجَبُ كيف يطلع علينا كلّ صباحٍ أنصافُ متعلّمين يُثرثرون ساعاتٍ في “مواضيع الساعة”، ويسترسلون في تنظير مُملّ وتكرار عقيم، و”يزوّدون” الناس من “معين فكرهم النيّر” و”طول باعهم” في ميادين المعرفة.
كتابي الجديد (في الفرنسية، وترجمة عنوانه “على جناح الطير” وفي العامية اللبنانية “عَ الطاير”) مَجموعة أَقاصيص من مشاهداتي اليومية في مئة وخمسين صفحة قطعاً صغيراً. كلّ أُقصوصة من صفحات معدودة، يقيناً مني بأنّ زمان المطولات ولّى، وعصر العالمية آتٍ يهيمن على المجتمعات ويقضي بالضربة القاضية على الثرثارين والمدّعين.
أكتفي بهذه “العُجالة” لأني على عجلة من أمري، فربما استدعى الله عبده على عجَل أو في غفلة منه، ولا يترك له متسعاً من الوقت يستودعكم ويستأذنكم في الرحيل على جناح السرعة.
________________________________________________________________________________________________________
*) الأربعاء المقبل- الحلقة الثالثة: إملي نصرالله