هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

3: إملي نصرالله: النور

الأربعاء 23 حزيران 2010

الكلمة الأَحَبّ
ما الكلمة؟ حروفٌ، مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو معنى، ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟
للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.
وللكلمة مدلولٌ ذو بُعدٍ شَخصيٍّ: عاطفي، اجتماعي، روحاني، أو حتى مهني (كلمة “بَحر”، مثلاً، تَعني للشاعر غير ما تعني للرسام أو الموسيقي أو البحّار). من هنا ارتباط الكلمة بالموقع (المكان، البيئة، المهنة، الخبرة،…) وبشخصية مستخدمها.
وللكلمة معناها الاصطلاحي الكَيفي، من هنا علاقتها بالمعنى، بالمدلول. (كلمة “أحمر”، مثلاً، تعني الكَرَز لأحدهم، والدم لثانٍ، والتفاحة لثالث، والعلَم اللبناني لرابع، الخ…). ما علاقة الكلمة بالمعنى؟ بالمدلول؟ بالسياق؟
وللكلمة تاريخها وأصلُها وهُويتها: هل هي بنتُ لغَتِها؟ مركّبة؟ مستوردَة من لغة أخرى؟ مترجَمة عن لغة أخرى؟
هذه السلسلة: “الكلمة الأَحَبّ” لتُجيب عن كلّ هذا الأعلاه.
كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامها لديك أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟
سؤال نطرحه على المعنيّين بالكلمة: كُتّاباً، شعراء، أدباء، مبدعين، مؤلفين، موسيقيين، مسرحيين، رسامين، نحاتين، أكاديميين، مثقّفين، … كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و”لغات اللغة” انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.
بعد جوابَي وليد غلمية وعبدالله نعمان، هنا جواب الكاتبة والروائية إملي نصرالله.
هنري زغيب
email@henrizoghaib.com

__________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
3) إملي نصرالله: النور
يَدعوني السؤال، في هذه السلسلة، إلى إجراء عمليّةِ غربلةٍ للكلمات (وهي رأسمالي) كي أختار كلمتي المفضّلة.
بعضُ كلماتٍ صمدَتْ فوق الغربال: مفتاح. واحة. جوهر. انتظار. ينبوع. وهج. ظلال. رحيل. حلم. ديار. حنان. لكنّ كلمةً واحدة ظلَّت تقفز فوقها جميعاً: نور. فتكون هي كلمة اختياري.
يأتي النور أحياناً من خارج الكيان. يَغمرنا. يَنبثق من ذُرى مَجهولة. يُنير دروبنا. يَصحبنا. و…”سيروا في النور ما دام لكُم نور”.
أَحفَظُ العبارة. أُردّدها في سرّي وفي العَلَن. أقولُ لِذاتي في أوقات الشكّ والضلال: “سيري في النور”. وأُحاول في كلّ حينٍ أن أَغرسَ الكلمة في أعماق الذات.
“أَنتُم نورُ العالم”، قالَها السيّد لتلامذته.
ولا يَزال نورُه يَهديني. أتلقَّفه بيديَّ وفي عينَيَّ ولا أَكتفي.
وتَبقى فوق شفتَيّ طلْبةٌ دائمة: “لِيَغْمُرْني نورُ رضاكَ يا سيّد”.
لكنني، في لحظاتِ شكٍّ، أعود فأتساءل: “… وهل كلمةٌ واحدة تكفي”؟
أجل. تكفي.
إنّ لها قدرةً على التشظّي والنشر والانتشار، فلا تبقى أبداً سجينةَ مكانٍ أو زمان.
_______________________________________
*) الأربعاء المقبل- الحلقة الرابعة: أمين ألبرت الريحاني