هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

“نقطة على الحرف” – الحلقة 1380
يكفيك دلعًا يا حضرة المواطن
إِذاعة “صوت لبنان” – الأَحَـد 7 تشرين الأَوَّل 2018

         صباح النور، وصباح الضوء، وصباح الـمِصباح الذي سيُصبح صُبحًا صَـبَّاحًا دائمًا بفضل ما استولدَت الدولة من ولادات جديدة ستوَلِّدها وَلَّادة الـمُوَلِّدات.

         إِفرحوا وهَلِّلُوا أَيها الناس: ها هي الدولة اشْـمَخَرَّت واسْبَطَرَّت واحْلَنْشَشَت، ووَجدَت الطاقةَ البديلةَ عن وجع رأْس الكهرباء، فَـتَفتَّقَ حَــلُّـها عن فرض عَدَّادات المولِّدات على مساحة الوطن، والويل لِـمَن يُـخالف، والويل لِـمَن يعترض، والويل لِـمَن لا يَرعوي ولا يَنضوي ولا ينطوي.

         بعد سنواتِ انتظارٍ بين تَقنين وتَـمنين وتَفنين، فشلَت الدولةُ في تأْمين الكهرباء فَنَجَحَت في تأْمين عدَّادات للمولِّدات.

         وما دامت الكهرباء متعثِّرةً منذ سنواتٍ طويلة، وما دامت المولِّدات موجودةً منذ سنواتٍ طويلة، وأَصحابُ المولِّدات يمتصُّون دمَ الشعب منذ سنواتٍ طويلة، والدولةُ عاجزةً عن تنظيم انتظام الكهرباء منذ سنواتٍ طويلة، فلماذا لا تَـهْلُمُّ الدولة إِلى تنظيم انتظام العدَّادات استوردها “راجح” مجهول، في صفقة مجهولة، ذات ليلة مجهولة، وأَغرق بها السوق في طريقة مجهولة؟

         وبدلَ أَن تلجأَ الدولة إِلى تعداد الوسائل لتَخفيف الدين العام، شَرْعَنَت الغلَط العام، وتفتَّقَت شَرْعَنَتُها عن تشريع العَدَّادات.

         إذًا فما الحاجةُ بعدُ إِلى مؤَسسة الكهرباء، وتَقْنينِها، ومشاكلِها، واعتصاماتِ موظَّفيها وجُباةِ إِكرائِها؟

         لـمَ وجعُ الرأْس ما دام الرأْس راضيًا عن الرؤُوس الـمُنصاعة، والدولةُ شَـمَّرَت عن سواعدها لا لِتَوقيف مَن يسرقُون الكهرباء أَو مَن يعلِّقون على خطوطها العامة أَو من لا يدفعون الفواتير، بل استيقظت لـتَطبيق القانون على مَن لا يرعوي بتركيب العَدَّادات على المولِّدات.

         ها الدولة استيقظَت فاهرُبوا أَيها المخالفون. ها هي المطاعمُ التَزَمَت بِـمَنْع التدخين فيها، وانضبَطت مخالفات السير، والويُل لِـمَن يخالف القانون. إِن للدولة دائمًا حُلولًا موازية، أَحدثُها تكشيرُها الـمُخيفُ على من يـُخالف حلّ العدَّادات، ولا هَـمَّ أَن تكون العدَّادات وليدةَ مسؤُولين شاطرين في غضّ النظَر نهارًا واقتسام السمْسرات ليلًا. الـمُهم تطبيقُ القانون والويلُ لِـمَن لا يَهاب الدولة.

         فافرحوا وتهلَّلوا أَيها الناس، وأَوقِفُوا هذا النَقَّ الـمُزعج. تُطالبون الدولة بالكهرباء 24/24؟ ها هي جاءَتكم 25/24، فأَوقِفُوا هذا الدلع، ورَكِّبُوا العدَّادات وأَرغِموا أَصحاب الـمُوَلِّدات على التخفيف من مَصِّ دمائِكم منذُ سنوات، فلا إِنشاءُ مصانع توليد الكهرباء هو الحل، ولا توليد الطاقة من النُفايات هو الحل، ولا ذات الصون والعفاف الآنسة فاطمة غول هي الحل، ولا استجْرار الكهرباء من دُوَل الجوار هو الحل. الحل إِذًا في تركيب عدَّادات معيَّنة، من ماركة معيَّنة، من مصدَر معيَّن، من مورِد معيَّن، وأَوقِفوا هذا النكَد على الدولة.

         إِنَّ الدولةَ مشغولةٌ بأُمُور كثيرة، وليست فاضيةً لـمعالجة نَـــقِّــكُـم الـمُزعج ومُطالباتكم الـمُزعجة وإِلـحاحاتكم الثقيلة.

         ومن عَدَّاد إِلى عَدَّاد، ومن اجتراح حلٍّ إِلى اجتراح حل، تَـمضي الدولةُ في رعاية مصالح الشعب، وفي تأْمين رَفاه هذا الشعب الذي لا يُعجِبُهُ عجب بل هو دائِمُ العناد، مرهِقُ العباد، لا يرضى بـحلول الكهرباء في البلاد، ولا يَــبُوسُ يدَ الدولة التي أَعياها حلٌّ معتاد فاجترحت قانونًا بتركيب عَدَّاد.

هـنـري زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib