هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

“أَزرار” – الحلقة 1042
لبنان القويّ غـيـرُ لبنان النوستالجيا
“النهار”  –  السبت 7  تـموز  2018

          في موقعٍ إِلكْتْرونـيّ متخصّص بِـنَـشْر الكتُب المتوفّرة لديه، جديدِها والمستَعمَل، طالَعَني كتاب “لبنان: صُوَرٌ وذكريات”، 68 صفحة حجمًا كبيرًا، صادر سنة 1950 بالإِنكليزية والعربية، وفيه مجموعة نصوصٍ سياحيةٍ جميلةٍ عن لبنان، ترفِدُها مناظِرُ جميلةٌ بالأَبيض والأَسْوَد، على صفحته الأُولى أَنه “هدية وزارة الخارجية والمغتربين ومفوضية السياحة”. وفيه تعريفٌ يــبـدأُ بأَنّ “هذا الموقع الجغرافـيّ الممتاز وَجَّهَ لبنانَ منذ فجر التاريخ جهةَ الوساطة بين الشرق والغرب”، وتليه صَورٌ من بيروت وجزين وبيت الدين وزحلة وطرابلس وبعض واحاتنا السياحية الجميلة.

         لَفَتَني فيه أَنّ مقدّمة الكتاب كتبَها رئيس الجمهوية الشيخ بشارة الخوري. ومع أَنّ في صفحةٍ داخليةٍ صورةَ رئيس الحكومة رياض الصلح ووزير الخارجية والمغتربين فيليب تقلا – وهُـما مَن هُـما في عراقة المسؤُولية الحكومية – كان قلم رئيس الجمهورية هو الذي قدَّم للكتاب بكلمةٍ مُؤَثِّرة “إِلى المغتربين اللبنانيين وإِخوانهم أَبناء الأَقطار العربية”، استهلَّها الرئيس بـــ”أَطلَعَني وزير الخارجية والمغتربين على ما اعتزمَـتْـه جمعيات لبنانية في الولايات المتحدة من رحلةٍ لبعض أَعضائها إِلى الوطن العزيز خلال الصيف المقبل، لـيكونوا على موعدٍ مع أَرض الجدود بعثًا لذكريات غالية وتوثيقًا لروابط روحٍ وتقاليدَ لا تقوى المسافات على فصْم عراها”.

        ويخاطبهم الرئيس: “إِنني واثقٌ من حنينكم، مُؤْمنٌ بنزعتكم إِلى البلد الصغير تُــؤْثِرونه على المدينة الكُبرى وعلى الهناء والرفاه، لأَن لبنان مسقط رأْسكم، فيه السرير الذي استقبلَكم يوم وُلِدتُـم، وفيه المدفن الذي ضمَّ رفات آبائِكم وأَجدادكم، ولأَن الأَرض التي غَذَتكم أَطفالًا هي أَرض الوطن”.

         ويمضي رئيس الجمهورية بأُسلوبه الأَدبي الرفيع: “أُرحِّب بالمشتركين منكم في هذه الزيارة المستحَبّة، وبـمَن ينضمُّ إِليهم في سائر بلدان الاغتراب، بدافع الحنين إِلى الأَرض الأُم تحت سماء تُظلِّلكم بالصفاء والمحبة. فإِليكم تحية لبنان. إِنه رئيسًا وحكومةً وشعبًا سيكون سعيدًا بلقائِكم، فَخُورًا بأَن يُـحــيِّــي نشاطَكُم وإِخلاصَكُم، وسوف تَفْخَرون برؤْية الوطن في عهده الاستقلالـي، سُعداء بالشوط الذي قطَعَه في ميدان الرقيّ والعمران”.

         ويختم الرئيس: “أَما أَبناؤُكم الذين لا يعرفون لُغَــتَــنا، فصَوتُ الدم الكامن في صدورهم سيُهيب بهم أَن يَعتنقوا حُبّ هذه الأَرض الطيّبة وهذه السماء الجميلة كما أَحببتُمُوهُـما أَنتم من قبل”.

        هكذا تـوَجَّـه رئيس الجمهورية إِلى لبنان القويّ المغترب، بإيمانٍ حازمٍ يَنضحُ حــبًّا ويَصْدُقُ دَعوةً ويَنبُضُ اعتزازًا بأَبناء لبنان في العالم، مُـثيرًا فيهم أَعذبَ الحنين والحنان إِلى أَرضهم الأُم التي مهما نأَوا عنها لا تنأَى عنهم.

       هكذا يجمع رئيسُ لبنان أَبناءَ لبنان على أَرضِهِ تضمُّ إِليها المؤْمنين بها بعيدًا عن تَجاذُبات سياسيين تُــنَــفِّــر اليوم أَبناء لبنان حتى لَــيَــخجلُوا قهرًا وغَضَبًا من وضْعٍ بَــلَــغَــهُ وطنُهم يُشيحُون بسبَــبِــه حتى عن الحنين إِلى وجه لبنان.

هـنـري  زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib