هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

“أَزرار” – الحلقة 981
“أُطـلبوا الجسر… ولو  في الصين”
“النهار” – السبت 11 آذار 2017

استغرق المشروع ثلاث سنوات، تَـمَّ إِنجازه قبل ثلاثة أَشهر، وجرى تدشينُه في احتفال بسيطٍ عاديٍّ، لا “تحت رعاية” رسمية، ولا بـحضور أَصحاب المعالي الوزراء وأَصحاب السعادة النوّاب، وسائر “ليستة” من يتصدَّرون ضجرانين مقاعدَ الصف الأَول.

  هو جسر مُشاة، أَرضُه ثلاثُ طبقات زجاجية كثيفة، سماكةُ كلٍّ منها 60 سنتم، عرضُهُ 6 أَمتار، طولُه 430 مترًا، عُلوُّه 300 متر، معلَّقٌ في الهواء بين جبلين عاليَين، فهو أَطوَل وأَعلى جسر للمشاة في العالم.

  لاختبار متانته جعل مهندسوه مواطنين يهشِّمون زجاج أَرضه تكسيرًا بأَدوات مروَّسة حادة فلم تتأَثَّر، ولا تأَثرت حين مرّ عليها رتْلُ سياراتٍ بكامل ركّابها.

 في تصميم الجسر أَن يتحمَّل 800 زائِر عليه دفعةً واحدة، بمعدّل 8000 زائر في اليوم. بعد أُسبوعين من افتتاحه بلغ زوَّارُه 10000 زائرٍ يوميًّا فأَقفلتْه السلطة المحلية لزيادة موظفيه، وتقوية مفاصله الحديدية المعلَّقة شاهقة في الهواء، ولحصر الزوار فلا يزيدون عليه عن 800 دفعة واحدة، ورفعَت إِدارتُه ثمن بطاقة الدخول إِلى نحو 20 يورو، وفرضَت الحصول على البطاقة قبل يومين من تاريخها.

 في تقرير تلفزيوني عن الجسر لشبكة “TV5”  الفرنسية قالت مواطنةٌ: “إِنه فخرٌ لبلادنا نعتزُّ به سياحيًّا ووطنيًّا”، وقال مواطنٌ شابٌّ: “هذا دليلٌ على قوَّة بلادنا بين دوَل في العالم”.

هذه هي الصين ذات السرعة والقوّة في نهضتها. وكانت قبل سنتين أَنجزت جسر بــايــﭙــانْـجيانغ المعلّق فوق وادٍ عميق بين مقاطعتَين في منطقة جبلية وعرة، يـبلغ طولُه 1341 مترًا وعلُوُّه 564 مترًا ، عليه أَربعة خطوط للسيارات ذهابًا وإِياباً، ما يجعله أَعلى جسر سيارات في العالم.

الانجاز الجديد الزجاجي المعلَّقُ، موضوع هذا المقال، هو جسر دْجانْـجادْجـيـيـه فوق منطقة مسجَّلة في لائحة الأُونسكو لـ”أَجمل المناطق الطبيعية في العالم”، وسْط كتلة جبلية متلولبة ذات انحدارات عسيرة هائلة تلامس قممَها العاليةَ أَسرابُ الغيوم العابرة. كانت تلك المنطقة المرعبةُ الخطورةِ نموذجًا شاهدناه سنة 2009 في فيلم “آفاتار” للمخرج جايمس كاميرون مخرج فيلم “تايتانِك” سنة 1997.

هكذا إِذًا: في ثلاث سنوات تمكَّنَت دولة جِدّيّةٌ صارمةٌ ناشطةٌ من تحقيق أَعلى جسر مشاة في العالم، وفي ثلاث سنوات لم تتمكّن دولة لبنان، حتى اليوم، من تحقيق “ميني إِنجاز” في جسر جل الديب بعُلُوّ أَمتارٍ ضئيلة، على الأَقلّ لتخفيف جلجلة السير اليومية الرابضة على أَعصاب المواطنين.

فيا ليت جل الديب كانت في الصين، إِذَن لكان جسرُها تحقَّق في ثلاثة أَسابيع.

وما أَصدق أَن يقول مواطنوها ومواطنو كل لبنان: “أُطلبوا الجسر… ولو في الصين”.

هـنـري  زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib