هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

“نقطة على الحرف” – الحلقة 1296
الراديو… هذا الصديقُ الشخصي
إِذاعة “صوت لبنان” – الأَحَــد  19 شباط 2017

الاثنين الماضي من هذا الأُسبوع مــرَّ “اليومُ العالمي للإِذاعة” كما عيَّنَتْهُ منظمة الأُونسكو في 13 شباط كلّ عام. واحتفل العالم بهذه الوسيلة الإِعلامية العريقة التي يبقى وهجُها نضِرًا مع تقادُم الأَيام والسنوات وتَتَالي الاختراعات والاكتشافات وثورة الوسائل الإِعلامية والوسائط الإِلكترونية.

إِذا كان التلـﭭـزيون زائرًا فالراديو صديق. وإِذا كانت الشاشةُ ثابتةً نقصدها ونتسمَّر أَمامها كي نتابع، فالإِذاعةُ رفيقةٌ تواكبنا أَنّى نكن، ولا حاجة بنا أَن نقصدَها بل نخاصُرها فتمشي وإِيّانا وتجلس معنا في البيت، في السيارة، في المكتب، في الطبيعة، على البحر، في الجبل، ولا مكان مخصصًا لرفْقتها بل هي معنا في أَيّ مكان ولها كلُّ المكان. لذا ذكرَت المديرة العامة للأُونسكو إِيرِينا بوكوفا في بيانها هذا العام أَن “الإِذاعة، في زمن السلم كما في فترات الحروب والنزاعات، تبقى المصدر الأَساس للمعلومات واستقاء الخبر، تطال جميع الأَجيال والثقافات، تخاطب جميع فئات التنوُّع البشري، وتربط الفرد مع الآخرين في كل بقعة من الأَرض“.

وفي إِحصاءٍ أَعلنتْه إِذاعة “بي. بي. سي.” هذا الأُسبوع أَنّ عدد المستمعين إِلى الإِذاعة سنة 2016 تجاوَزَ عدد مُشاهدي التلـﭭـزيون ومُستخدمي الهواتف الذكية. وجاء في الإِحصاء أَيضًا أَنّ 94% من البالغين في العالم يتابعون الإِذاعة أُسبوعيًّا، وأَنّ 73% من المزارعين الفقراء في الصحارى النائية يمتلكون أَجهزة راديو، وأَنّ 9000 طفل في جنوب أَفريقيا يتلقَّون العلم من الراديو، فيما نصفُ سكّان العالم (نحو 4 مليارات شخص) ما زالوا غير قادرين على الاتصال بشبكة الإِنترنت.

اليوم، بعد مرور أَكثر من 100 عام على أَول بَث إِذاعي، لا يزال للراديو دورٌ إِعلاميٌّ فاعلٌ في جميع دول العالم، خصوصًا بما قدَّمه التطوُّر الإِلكتروني من إِمكان استخدام الفضاء الافتراضي للاستماع إِلى الإِذاعة من دون جهازِ راديو بل عبر الإِنترنت وتطبيقات أَجهزة الهواتف الذكية والأَجهزة الإِلكترونية المحمولة. ومن نتائج ثورة التكنولوجيا الرقمية أَنّ أَدواتِ التسجيل وأَجهزةَ البث باتت أَصغر، أَخفّ وزنًا، أَسرعَ أَداءً، أَرخصَ سِعرًا، وأَسهلَ مَنالًا لتسجيل الصوت والموسيقى والتحكُّم بالنوعية وحتى بعمليات المونتاج في البيت أَو في المكتب، من دون حاجة الذهاب إِلى الإذاعة وتوليف المونتاج في ستوديُوَاتِـها.

وبرغم تَطَوُّر وسائط التواصل الاجتماعي وانتشار الهواتف الذكية في معظم بقاع الأَرض، يبقى الاستماعُ إِلى الإِذاعة أَرخص من تكلفة الإِنترنت وخط الهاتف، وتبقى أَكثرَ وسائل الإِعلام وأَسرعَها وُصُولًا إِلى الناس.

من هنا قلتُ إِن التلفزيون زائرٌ جماعي في البيت، بينما الراديو رفيقٌ شخصي يَنزع الوحدة عن الفرد فلا يكون وحده حتى وهو وحده، لأَن معه من جهاز الراديو صوتًا يَشعر به كأَنه صديق، ولو كان الفردُ المستمعُ لا يعرف شخصيًّا صاحبَ هذا الصوت.

هـنـري زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib