هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

“نقطة على الحرف” – الحلقة 1280
أَلو بيروت… من فضلَك يا عينيّي اعطيني بيروت عجِّلْ بالـخطّ شويّه
إِذاعة “صوت لبنان” – الأَحَــــد 30 تشرين الأَوّل 2016  

كنتُ أَنتظر في رسالةٍ خلَوية نَصية قصيرة جوابًا من زميلٍ حاملًا تفاصيلَ أَحتاجُها بـإِلحاحٍ قبل دُخولي اجتماعًا مهنيًّا، فلم يأْتِ الجواب بالسُرعة المطلوبة وظلّ اجتماعي ناقصًا. وكانت المفاجأَة أَنّ زميلي أَرسل لي الرسالة النصية في الوقت السريع المطلوب لكنها لم تصلْني إِلّا… صباح اليوم التالي.

وكنتُ قبل أَيام أَنتظر اتصالًا من صديقٍ لي في الخليج يُبلغني فيه أَمرًا أَحتاجه نهارئذٍ لـقرار عليَّ اتّخاذُهُ قبل إِقْدامي على خطوة مهنية، فلم يأْتِ الاتصال واكتشفْتُ لاحقًا أَن صديقيَ اتصل بي مرارًا لكنه وجد خطّي الخَلَوي مقفَلًا، وأَنا لم أُقفل خطي آنئذٍ لحاجتي القصوى إِلى ذاك الاتصال. ولولا ثقتي التامة بذاك الصديق لاتّهمْتُه بأَنه لم يتصل، لكنّ كلامه عندي مُكَـرَّس.

وقبل أَيّام وصلتْني فاتورة هاتفي الخلوي، فوجدتُ أَن كلفة الاستخدام 40 دولارًا، أُضيفَ إِليها مبلغ خمسةٍ وخمسين دولارًا هي، قال، الرُسوم الشهرية الثابتة، أَي ما يفوق كلفة مخابراتي طيلة شهر. وفي تفاصيل الرسوم الشهرية بدا أَنها، كما كنتُ سمعتُ مرارًا، من أَعلى الرُسوم في العالم، ما يرفع مدخول الشركات الـمُشغِّلة إِلى مبالغ تزداد ارتفاعًا لاستخدام الملايين في لبنان الهاتف الخلوي بكثافة عالية.

وقبل فترةٍ لفتني صديق على هاتفي بما لم أَكُن متنبهًا له، وهو تسجيل مئات اتصالات لي في خدمة الـ”واتسآب”، وأَنا لم أَكن استخدمتُ الـ”واتسآب” بهذه الكثافة. ولم أَفهم، وليس من يفهم، طريقة احتساب هذه الخدمة التي يخالُها الكثيرون مجانيةً لكنّ كلفة استخدامها أَغلى مما لو كانت خدمة مدفوعة كسائر الاتصالات.

إِلى كل هذا الخلل المؤْذي والسَلْخ غير المبرر والخدمات المزعومة غير التامة تقنيًّا، يضاف خَلَل الشبكة ذاتها حتى لنادرًا ما نكمل المخابرة من دون انقطاعها غير مرة إِبّان الـمُكالَـمة، أَو الضَعف في الصوت، كما تلفونات الضيعة أَيام زمان حين كانت السنترالات في الدكّان وتَسمَع الضيعة كلُّها مَن يهاتف لأَن الصوت ضعيفٌ وينقطع الخطُّ مرارًا إِبّان الـمكالَـمة. وها نحن اليوم نرتطم بخطٍّ مقفَل وهو ليس مقفَلًا، وبأَرقام حارقة في فاتورة منفوخة مضخَّمة، وبمظاهر وظواهر عجيبة غريبة على شبكة خلوية فيما يستخدمها العالم تسهيلًا لأَعماله ونشاطه لا تزال عندنا بدائية مرتَبِكة مربِكة، وفوق ذلك كلِّه باهظةَ الكلفة كما يؤكّد الخبراء في هذا الحقل.

مرةً أُخرى، نجدُنا في غابة استغلالات قاهرةٍ تقْنيًّا وماليًّا، تبدأُ من خَلَل الاتصال ولا تنتهي إِلّا بفاتورةٍ موجِعة لا مبرِّرَ لأَذاها إِلّا شراهة الشركات المشغِّلة ومَن يشاركها “رسميًّا”، وإِرهاقُ المواطن أَكثر فأَكثر في هذه الغابة التي لا دولةَ تضبُطها وتراقبُها، فيما أُولى مَهامّ الدولة: حَزْمُ الضبْط ودقّةُ المراقبة.

هـنـري زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib