هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

“أَزرار” – الحلقة 947
“إِقطاعيكْـزِيْت”
السبت 9 تموز 2016

ما إِن قالت بريطانيا “لا” للبقاء في الاتحاد الأُوروبي حتى بادر رئيس حكومتها ديـفـيد كامِرُن (50 سنة) إِلى تقديم استقالته احترامًا لـمشيئة شعبه، مع أَنه كان ضدّ “الـبْـريكْزِيْت” (Brexit:خروج بريطانيا من الاتحاد)، ويَـحدُسُ بـمخاطر هذا الخروج على بريطانيا وربما على كلّ أُوروﭘـا.

هذه هي الديمقراطية التي تدَّعيها دولةٌ عريقةٌ وتُـزاولُها فتَخضَع منصاعةً لـمشيئة شعبها في قراره أَيًّا تكن صوابــيَّــتُـه أَو أَخطارُه.

هذه هي ديمقراطيةُ الدولة التي تستفتي شعبَها فلا تعرف “سلَفًا” نتيجة استفتائها ولا تستبق صدُور الأَرقام النهائية.

وهي غيرُ ديمقراطية تنظيرية مزيفة تدّعيها دولةٌ يزاول حكَّامُها التوتاليتاريَّـة، فإِذا هي دولةٌ تتعاطى مع شعبها بدعسه ودهسه وإِذلاله واستخدامه واستعباده.

 دولةٌ يحكُمها فريقٌ واحد منذ عُقود، تَوارَثَ حُكْمَها أَبناؤُه “البَرَرَة” فجعلوا الوطن مجموعة قبائل وعشائر ومزارع يتولّونها من جَـدٍّ إِلى ابنٍ إِلى حفيدٍ، مطْــلَــقِــي الصلاحية، يستبدُّون بقطعانِ مستسلمينَ لهم، مستزلـمينَ على أَعتابهم، خاضعينَ لـمشيئتهم، مُـهَـوْبِـرينَ بِاسمهم في الشوارع والساحات، يُـقَـبِّـلونَ نِــعَــالهم في النهار ويَلعنونهم ليلًا في مجالسهم الخاصة.

دولةٌ يتقاسم حكَّامها حصَصَ المغانم ويصرِّحون بكل عُـهْـرٍ ووقاحةٍ أَنهم يعملون بِاسم الشعب ولـمصلحة الوطن.

دولةٌ ليس فيها مواطنون يقولون “لا” فتحترم رأْيَهم الدولةُ لأَنها في خدمة شعبها، بل فيها رعايا لـخدمة زعماء العشيرة ورؤَساء القبيلة وأَولياء الـمَزارع.

دولةٌ فيها أَسيادٌ وتوابعُهم، فيها إِقطاعيون وحاشيتُهم، فيها نظامٌ على قياس واضعيه ومنفِّذيه تخضع له الرعية وما فيها مِن أَراضٍ ومَن فيها مِن ناخبين.

دولةٌ فيها حفْنة حُكّام معدودين يُديرون شؤُون البلاد جاعلين الناس خُدّامًا وعبيدًا يسوقُونهم بالوعود والأَوهام.

دولةٌ يدفع فيها الضرائبَ بعضُ شعبها، والباقي لا يدفع لأَنه مَـحمـيٌّ ومحسوبٌ ومُناصرٌ في طابور الأَزلام والأَتباع.

دولةٌ ما إِن يتحرَّك أَفرادُ مجتمعها المدني حتى يُـحرِّكَ أَباطرتُـها أَزلامهم للاندساس بين الأَفراد وإِفساد تحركَهم لاتهامهم بالشغَب ومخالفة القانون.

دولةٌ تحكُمها جوقةُ سياسيين وحيدة في بيوت متعدّدة لكنّ مبدأَها واحد: “اليومَ نحن، وغدًا أَبناؤُنا من بعدنا”… وتتناسل هذه الجوقة مُسَلِّمةً عصا الحكْم لأَولادها وأَحفادها، وعلى الشعب أَن ينصاعَ ويرضَخَ وينحني للوريث الشاب الجديد ابن صاحب الـمشيئة الـمطْـــلَـــق السلطة في اختيار الخَـلَـف ضاربًا بحذائه رأْيَ الشعب الذي لا رأْي له ولا موقف.

Résultats du référendum de 2016

فلتسقُط بريطانيا بخضوعها لديمقراطية 51،89% للانفصال مقابل48،11 للبقاء، ولتحيَ ديمقراطية الــ”إِقطاعِيكْـزِيْت” في دولةٍ تُـجدِّد لنوّابها ورؤَساء قبيلتها وزعماء عشيرتها وأَولياء مزرعتها، وتُـمدِّد لكبار موظفيها، وتمارس “ديمقراطية” تعيين الرئيس لا انتخابه.

ويا بِــئْــس دولةٍ ليس جميعُ مواطنيها رائعين ساطعين بارعين، بل بينهم بعضُ رعايا مائعين خاضعين خانعين.

هـنـري  زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib