هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

نقطة على الحرف- الحلقة 1242
شَكْلو شكْل شَناتير… وفِعلُو فِعل سَنانير
الأَحد 7 شباط 2016

        في السائد الشعبي أَنّ “الشَنتير” هو الكبير الناضج الواعي الحكيم. وعلى هذه الصورة لا تليق به تصرُّفاتٌ دون تلك المواصفات كي لا تنقشعَ عنه مهابةُ القوّة والحزم والعزم والمصداقية.

        بتلك المواصفات مثلًا، بين خيّالة الأَمير بشير، حملَ لقبَ “قبَضاي في فنون القتال” يوسف الشنتيري الذي تغلّب على يوسف بك كرم يومَ نازَلَه مُبارزةً وسْط ميدان قصر الأَمير حيدر في بكفيا، وحصدَ إِعجاب الحاضرين وغَضَب يوسف بك كرم. ومن يومها حمَل الشَنتيري لقب “آغا” كزميله في القوّة “القبضاي” أَبو سمرا غانم، فشاع القول: “أَبو سمرا والشنتيري تِلْتَين الدِّيــرِه”.

        هذا من الوجه الإِيجابي. على أَنّ في السائد الشعبي كذلك وجهًا سلبيًّا لــ”الشَــنْــتَــرة”: هي السُخرية ممّن يوحي شكلًا بالقوّة والعزم بينما هو فعليًّا دونهما، فيقال فيه: “شَكْلو شَكْل شَناتير… وفِعلُو فِعل سَنانير” (السنانير جمع سِــنَّــوْر أَي الهِــر).

        وبين الشكل والفعل تتّضح حقيقة الكثيرين من الشَناتير (جمع شنتير )، وهم الذين يَتَبَجَّحُون قولًا مُزيَّفًا وأَخبارًا مختلَقَة وادّعاءاتٍ مُلفَّقَة حتى ليغدو الشَنتير في حقيقته رجُلًا كبيرًا من قشّ، مَهِيبَ المنظر والمظهَر والقول، فيما هو قشّ هَشّ فارغ كَـ”خَيَال الكروم” الواقف على قصَبة كي يُخيفَ العصافير فيما هو شخصٌ مزيفٌ من قماش لا يُخيف حتى الهِرَرَة السَنانير.

        وما أَكثر الذين عندنا، من “بيت بو سياسة”، تنطبِق عليهم صفة الشَناتير: يتوهَّـمون ويُوهِـمُون… يَتَشَخْصنون ويتشاتمون… يتحالَفون ويتخالَفون… يَتَعَنْتَرون ويَـتَـشَـنْـتَرون… لكنهم فعليًّا مُزيَّفون دجّالون… يقولون ولا يفعلون… يَعِدون ولا يلتزمون… شكلُهم كبير وعقلهم صغير… بسخافاتٍ يتندَّرون… وبالتسلية وقتَهم يُمضون… لا نفع للوطن من أَفعالهم وأَقوالهم… ولا من أَدائهم ينتفع المواطنون… وليسوا أَكثر من شَناتير مفضوحين لدى الشعب، إِلّا لدى أَزلام وأَغنام ومحاسيـب يُصفِّقون لهم عُميانيًّا، ولا يَرَون فيهم إِلاّ وجهًا واحدًا من الشَنتير هو الـمَظهر، غيرَ مدركين أَنّ هذا الشَنتير الذي يتـزلّـمون له ليس في حقيقته أَكثر من شكْل خارجيّ لــ”فَزّاعة التِين”.

        مُصيبةُ الوطن -أَيِّ وطن- أَن يكون بين قياديـيـه شَناتير يَـمُدُّون الناس علَنًا بالأَوهام وهُم سرًّا يَـمُدُّون ضمائرَهم إِلى أَسيادهم هناك أَو هنالك من أَجل منصب أَو غاية أَو زعامة.

        ويا تَـعْـسَ وطنٍ يرى الناس في بعض زعمائه أَبطالًا “عَــنــاتــير”، بينما هم في حقيقتهم ليسُوا سوى… شَناتير.