هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

نقطة على الحرف- الحلقة 1219
هاشتاغ “بدنا نطبِّق النظام”
الأَربعاء 2 أَيلول 2015

        أَمامي كُـتَـيِّـب “الجمهورية اللبنانية – مجلس النواب – النظام الداخلي – المصدَّق عليه في جلسة 22 نيسان 1982، رئيس المجلس كامل الأَسعد”. أَفتح الصفحة 31، الباب الأَوّل: “المجلس: إِدارتُه وسَير أَعماله”، الفصل العاشر: “حُضور الجلسات والتغيُّب”، وأَقرأ:

          المادة 69: لا يجوز للنائب التغيُّبُ عن أَكثر من جلستَين في أَيِّ دورةٍ من دورات المجلس العادية والاستثنائية إِلاّ بعُذْرٍ مشروع مسبَق مُسجَّل في قلم المجلس.

          المادة 70: إِذا تغيَّب النائب عن أَكثر من جلستَين في الدورة الواحدة بدُون عذْر مشروع، يُحسَم حُكماً من تعويضه الشهريّ الأَساسي والصافي خمسة بالمئة عن كل جلسة يتغيَّب عنها.

          المادة 71: في حال اضطرار النائب للتغيُّب بغير مهمةٍ رسمية وبصورةٍ مستمرة عن أَكثر من جلسة واحدة، عليه أَن يقدِّم طلباً إِلى قلم المجلس يُبيِّن فيه أَسبابَ التغيُّب ويُعرَض هذا الطلبُ على المجلس لأَخْذ العلْم في أَول جلسة يعقدها.

          المادة 72: حين لا تنعقد جلسةٌ بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، يضَع مدير شؤُون الجلسات جَدولاً بأَسماء النواب المتغيِّبين بدون إِذْن أَو عُذر وتُدرَج أَسماءُ المتغيّبين في محضر الجلسة التالية وتُطبَّق بحقهم أَحكام المادة70 (الحسم من التعويض الشهري).

          وأَمامي أَيضاً المرسوم الاشتراعي رقم 112 “نظام الموظَّفين” المصدَّق في 12 حزيران 1959 بتوقيع وزير المالية/رئيس الحكومة رشيد كرامي ورئيس الجمهورية فؤَاد شهاب، وأَقرأُ في المادة 65: “يُعتَبَر مستقيلاً كلُّ موظَّف ينقطع عن عمله بدون إِجازة قانونية، ولا يستأْنف عملَه بعد انقضاء خمسةَ عشَر يوماً على تاريخ انتهاء إِجازته. ويجوز في هذه الحالة تعيـينُ بديلٍ عنه“.

          أَعود إِلى المادة 19 وأَقرأُ فيها: “يُقطَع الراتبُ عن كلّ موظَّـف يُعتبر مستقيلاً بموجب أَحكام القانون بدْءاً من اليوم المفترَض أَن يعود فيه إِلى وظيفته“.

          وفي المادة 15: “يُحَظَّر على الموظَّـف أَن يُلقي أَو يَنشر – بدون إِذْن خطي من رئيس إِدارته – خُطَباً أَو مقالاتٍ أَو تصريحاتٍ في أَيِّ شأْنٍ كان“.

* * *

          هكذا إِذاً: يحاسِبُ المشترعُ الموظَّفَ إِذا تغيَّبَ بدون عُذرٍ أَو صرَّحَ بدون إِذْن. فمن يحاسِب النوَّاب المشترِعِين المفترَض أَن يُطبِّقوا النظام وهُم الذين يَخرُقُون هذا النظام ويتغيَّبون عن جلسات ساحة النجمة جلسةً بعد جلسةٍ بعد جلسة ولا يَتَغَــيَّــبون عن قبْض تعويضاتهم شَهراً بعد شَهرٍ بعد شَهر.

          هوذا التعطيلُ الذي يمارسه مَن أَوكَلَ إِليهم الشعبُ سلطةً تشريعية فاستخدموها لإِطاحة الوكالة، وتجديد ولايتِهم تكراراً، واغتصابِ تعويضاتهم من دون أَن يقوموا بواجباتهم التشريعية، ويخدّرون الشعبَ مرةً بــ”تشريع الضرورة” ومرة بــ”تصويت الضرورة” ومرة بــ”تعطيل الضرورة”.

          هذا التعطيل الـمُتمادي يَغيب عمَّن يُهَوْبِــرُون في الشوارع عشوائياً: “الشعب يريد إِسقاط النظام”.

          النظامُ اللبناني مُحْكَمٌ وحازمٌ وحاسمٌ وضابطٌ كلَّ خلَل، لكن المشكلة أَنّ معظمَ السياسيين يغتصبونه ويُطيحونه ويستهينون بشعبه.

          فلْيَعِ المتظاهرون في الشوارع أَن الرصانة والمسؤولية ليست في “إِسقاط النظام” بل في “تطبيق النظام“. وعندها يولد لبنان الجديد إِنّما لا بمعظم هؤُلاء السياسيين بل برجالِ دولةٍ عُـلَماءَ خبراءَ حُكَماء يَــبْــنُـون دولةً ووطناً ومستقبلاً لأَجياله الحالية والمقبلة.