هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

نقطة على الحرف- الحلقة 1210
مَشهديَّــةٌ من عَمَّان إِلى بيروت
الأَربعاء 1 تــمُّــوز 2015

مَشهدٌ من عَمَّان:

          مَوكِبُ الملِك عبدالله الثاني يتقَدَّم في منطقة دابوق الراقية (غربيَّ عَمَّان، قُرب قصره الملَكي). إِحدى السيارات في مقدِّمة الموكب الـمُسرع تَصدُم عفوياً سيارةَ مُواطن. عنيفةً كانت الصَّدمة وترجَّل المواطن نازفاً من جَبهته. يأْمُر الملِك بالوقوف. يترجَّل من سيارته، يتقدَّم من المواطن الذي ذُهِل أَن يجدَ فجأَةً أَمامه الملِك. يُحاولُ أَن يَنحني أَمامه إِجلالاً. يُمسِكُ به الملِك، يُصافحُه، يَطْمَئنُّ إِلى جُرحه النازف، يأْمُر كبير مرافقيه باصطحابِ المواطن إِلى أَقرب مستشفى، ويأْمُر مرافِقاً آخرَ بتسجيل أَضرار السيارة والتعويضِ الكامل على المواطن المبهور برؤْية الملِك ولم يَعُد يَطلب أَكثر. يُصافحُ الملِك مُواطنَهُ مُجدَّداً ويُقْلِع الموكِب إِلى القصر الملكي.

مَشهدٌ من بيروت:

          مَوكِبٌ وزاريٌّ يتقدَّم في آخر شارع سـﭙـيرْس عند تقاطُع بُرج المر. تنتقل إِشارة السير الكهربائية إِلى الضوء الأَحمر. يتوقَّف السير. يصِل الموكبُ الوزاريُّ إِلى أَول سيّارة عند الإِشارة. يُشبِعُها صفّارات زمامير. لا تتحرَّك السيارة. يترجَّل أَحد عتاريس الـمُواكبة. يَنهَر السيِّدةَ السائِقة أَن تفتح الطريق ليمُرَّ مَوكبُ معاليه. تجيب السيدة: “الضوءُ أَحمر وأَنا أَحترم قانون السير”. يفاجَأُ العتريس بالجواب. يَصفَع السيّدة ويَشُدُّها من شَعرها شاتماً مهدِّداً مندِّداً غاضباً. تَصدُف أَنّ السيّدة محامية، وتصدف أَن يكون شاهِداً على الحادثة مُحامٍ آخَر. تقدَّمَت المحامية بشكوى في مخفر ﭬـردان “ضدَّ مَن يُظهِرُهُ التحقيق فاعلاً في الاعتداء”. وتوجَّهت المحامية إِلى نقابتِها تَروي ما حَدَث. يَجتمع مجلس النقابة برئاسة نقيبِها الشُّجاع. يتَّخِذ قرارَ الادِّعاء الشخصي احتجاجاً على تَعَرُّض الزميلة للضَّرب والإِهانة. تَـمَّ توقيفُ العنصر الأَمني بضعةً من نهارٍ ثم إِخلاءُ سبيلِه بقرارِ قاضي التحقيق في المحكمة العسكريّة بعد الاستماع إِلى إِفادته. تَرفُضُ المحامية التراجُعَ عن حقِّها. تَستأْنف شَكواها بدعوى مَدَنية. التحقيقاتُ ما زالت سارية، والاعتداءُ واضحٌ، وتتمّ دراسةُ التفاصيل القانونيّة لمتابعة القضية.

 مَشهدُ الأَسئِلة:

الفِقْرةُ الأَخيرة من المادة 34 في قانون السير اللبنانيّ الجديد تُـلزِم السائقَ التقيُّدَ بأَوامر رجل الأَمن المكلَّف توجيهَ المرور في الحالات الاستثنائيّة، وينفِّذ مَهامَّه بصورةٍ رسميّة. فهل “الحالة الاستثنائية” أَن يَـمُرَّ موكب معالي الوزير على الضوء الأَحمر، وهو أَصلاً مَوكبٌ وهـمِيٌّ والوزيرُ لم يكن في السيّارة؟ وهل تنفيذُ رجُل الأَمن مهامّه “بصورة رسمية” أَن يشْـتُمَ مواطنةً وينهالَ عليها لَكْماً وضَرباً لأَنها رفضَت أَن تَفتح السير لِـمَوكِب معالي الوزير ولأَنها لم تُخالف قانونَ السير بالـمُرور والضوءُ أَحمر؟

وهل دَورُ رجال الـمُواكبة العتاريسُ في مَواكب الرسميين أَن يُطيحوا قانونَ السير ليَمُرَّ موكب صاحب المعالي ولو الضوءُ أَحمر؟

مشهدان: أَوَّلُ من عَمَّان لِـمَوكب مَلِك الأُردن، والآخَر من بـيروت لِـمَوكبِ وزيــرٍ في لبنان.

الأَوَّل في دولةٍ يَحترم فيها الحاكمُ الـمُواطِنَ والقانون، والآخرُ في دولةٍ يُـذَلُّ فيها مواطنٌ لأَنه يَـحترمُ القانون.