هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

نقطة على الحرف- الحلقة 1203
أَجوبة للبحث عن السعادة
الأَربعاء 13 أيار 2015

         عن دراسةٍ ميدانيةٍ نشَرَتْها في نيويورك جريدةُ “هافنغتون ﭘـوست” الإِلكترونية حول “أَكثر البلدان سعادةً في العالم” شملَت 158 بَــلَداً، حلَّت سويسرا في المرتبة الأُولى، تَلَتْها إِيسْلَنْدا فالدانمارك فالنروج فَكَنَدَا. وحلَّت الولايات المتحدة خامسةَ عشْرةَ وفرنسا تاسعةً وعشرين واليونان الثانيةَ بعد المئة، بينما حَــلَّت سوريا وأَفغانستان أَكثر بَلَدَين تعاسةً في العالم.

         الهدف من هذه الدراسة السنوية حَـثُّ القادة والحكّام على تحسين وضْع بلدانِهِم وشعوبِهِم كي تقتربَ ما أَمكن من السعادة شخصيًا ووطنيًّا. وكانت الأُمم المتحدة نشرَت أَول دراسة في هذا الموضوع سنة 2012.

         المعايــير التي استندَ إِليها الباحثون لوضع هذه الدراسة، تـتوزع على: العيش في صحة سليمة، معدَّلِ الناتج المحلي بحسب الفرد، دعمِ الدولة الاجتماعي، ثقةِ المواطن بدولته خاليةً من الفَساد السياسيّ أَو التعامُلِــيّ، وحرية اختيار طريقة العيش والتفكير والتعبير.

الباحثُ جِفري ساخس (مدير “مركز الأَرض” لدى جامعة كولومبـيا في نيويورك) وهو أَحدُ واضعي الدراسة، أَوضح أَنّ “البلدانَ السعيدةَ هي التي تتمتّع برفاهٍ مادّيّ، ودعمٍ اجتماعي، وحكوماتٍ نزيهة خاضعةٍ للمحاسبة باستمرار.

هكذا: “تقترب الدول من التعاسة كلَّما هبط فيها معدّل الدخل الفردي، أَو غاب الدعمُ الذي يأْمَلُه المواطن من دولته. وتقترب الدول من السعادة كلّما عَلا رفاهُ الدخل الفردي وتأَمّنَت العدالةُ ونزاهةُ القضاء وثقةُ المواطن بـحُكّامه وتوافرَت ضماناتٌ صحيّة تقي المواطن من مفاجآت الأَمراض أَو الحوادث المأْساوية”.

وشدّدت الدراسة على أَن الأَزماتِ الاقتصاديةَ، ولو حادةً، والكوارثَ الطبيعيةَ ولو فاجعةً، ليست بالضرورة سبـباً لغياب السعادة في البلاد حين تتوافر في الدولة معايـيرُ الدعم والمساعدة، وهو ما حصَلَ في إِيرلندا وإِيسلندا: بقيَت فيهما سعادةُ المواطن رغم أَزمةٍ ماليةٍ قاسيةٍ أَصابـتْهما، وما غاب الأَمل من مُواطِني فوكوشيما اليابانية التي شهِدَت زلزالاً رهيباً لأَنّ الدولة كانت حاضرةً فـعـوَّضت على مواطنيها في سُرعة قياسية.

وأَكَّدَت هذه الدراسة العلْمية على تنشئة أَطفالٍ سعداءَ كي يَغْدوا لاحقاً بالِغين سُعَداء يتخطَّون المآسي، ويكون ذلك بتفعيلِ تنميةٍ مستدامةٍ تُــنَــمِّــيـهم مستقلِّين، مُــنْــتِــجــين، سُعَداءَ، فيُسهِمون كباراً في ازدهارِ بلَدهم اجتماعياً واقتصادياً.

هكذا العالَـمُ اليوم: يَــبْــحث عن سعادةِ المواطن في الرفاه والطمأْنينة، في الدعم الاجتماعي، في الثقة بالدولة وحكّامها، وفي تنشئة الأَطفال على الصّدق والاستقامة.

فأَين نحن اليوم مـمّا يَـبْـحَـثُ عنه العالم؟