هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

حرفٌ من كتاب- الحلقة 213
“أَبجـد هَـوَّز- مدارس لبنان من تحت السنديانة إِلى العالم”
الأَحـد 22 آذار 2015

Abjad Hawwaz

          “في لبنان، منذ البدء كانت المدرسة. أَوّل حرف هجائيّ سافر من شواطئنا إِلى العالم القديم. أَول كتاب عربي طُبِعَ في أَحد جبالنا قبل أَربعمئة سنة. وبين الحرف والكتاب نشأَت على مرّ العصور مدارسُ كانت مداميكَ دَور لبنان الحضاري في الشرق”.

          بهذا الاستهلال افتتح الناشر جوزف الرعيدي كتاب “أَبجَد هوَّز مدارس لبنان من تحت السنديانة إِلى العالم“، أَصدره في 244 صفحة حجماً موسوعياً كبيراً بالعربية والفرنسية، في طباعةٍ أَنيقة وإِخراجٍ مشوِّق ونصوصٍ سلِسَة وصُوَرٍ كثيرة غير معروفة ومعلوماتٍ جديدة عن مسيرة التعليم في لبنان “تحيةً إِلى مَن تفيَّأُوا السنديانة فعلَّموا وتعلَّموا فَـكَّ الحرف وجَدول الضرب على وقْع ضربات قضيب الرمان، وُصولاً إِلى الصروح التربوية الحديثة ودورِها في تنشئة جيلٍ لبناني مثقَّف” كما وَرَدَ في كلمة منسِّق الكتاب إِدغار جلاد.

          ومن أَوّل وأَقدم صورة في الكتاب وهي لكنيسة نهر الدهب في كسروان ويظهر في فَيْءِ سنديانتها بضعةُ تلامذة، تليها صورة صبايا أَمام مدرسةٍ للبنات في إِحدى قرى جبل لبنان، فصورةُ شيخٍ يُلقِّن التلامذةَ القرآن الكريم، فصورةُ الأَديب مارون عبود وهو من تلامذة تحت السنديانة في ضيعته عين كفاع، يتَّجه الكتاب إِلى نصوصٍ تاريخية بينها لأَنيس فريحة جاء فيه: “كانت مدرسة تحت السنديانة مُعَلِّماً في يَدِه قضيبُ رُمّان يَقتُل كل رغبة في الدرس، وغرفةً معتمةً ذاتَ رائحة كريهة”.

          ويرجِع الكتاب إِلى عهد “بيروت أُمّ الشرائع” في القرن الثالث الميلادي وهي استقطبت نخبةَ الطلاب لأَن دراسة القانون كانت تُـخَـوِّل طُلاَّبها تَــبَــوُّءَ المناصب العالية في الدولة الرومانية.

          وهكذا، من أَرشيـڤ الجامعة الأَميركية في بيروت والمكتبة الشرقية في الجامعة اليسوعية ومدرسة الجمهور ومدرسة عينطورة، يَسرُد الكتاب مطالعَ المدارس في لبنان من مدرسة عين ورقة في كسروان إِلى مدرسة مار يوحنا مارون كفرحَيّ في البترون، فأَشكالَ التعليم الديني أَيام المماليك، فالمدارسَ العثمانية ونظام المعارف من الباب العالي، فمدرسةَ المعلِّم بطرس البستاني في زقاق البلاط وُصُولاً إِلى مدارس الطوائف بين البطركية والحكمة والمقاصد والثلاثة الأَقمار والعاملية والداودية وشملان، ثم تدخل الإِرساليات فتَنْشأُ المدارس بين ﭘـروتستانت ويسوعيين ولعازاريين، تليها مدارسُ الرهبنات المارونية بين أَنطونيين ومرسلين كرَيميين وقلبَين أَقدَسَين، ويكون عهدُ الجامعات بين الجامعة الأَميركية والجامعة اليسوعية والجامعة اللبنانية الأَميركية وجامعة الروح القدس وجامعة البلمَنْد والجامعة اللبنانية وجامعة سيدة اللويزة والجامعة الأَنطونية وجامعة بيروت العربية.

          ولكل فصلٍ من فُصُول هذا الكتاب صُوَرُه النادرة ووثائقُه الخاصة ومعلوماتُه الغنيةُ بالأَرقام والوقائع، حتى لَـهُوَ سِفْرٌ جديرٌ بالحفْظ في كلّ مكتبة عامة ومدرسية وجامعية.

          كتاب “أَبجَد هَوَّز مدارس لبنان من تحت السنديانة إِلى العالم” صورةٌ ناصعةٌ للبنان العلْم أَيامَ محيطُه كان العلْمُ في ديجور، وأَيامَ ازدهرَت فيه المدارسُ والجامعاتُ حتى لَـهُوَ قطب العلم والتعليم العالي، رافعاً منارةَ المعرفة على أَبنائه ومحيطه من أَرضِه الخَــيِّرة المعطاءَة علْماً وتعليماً وأَعلاماً، وهذه علامتُه، منذ كان، على هذا الشاطئ اللازَورديّ.