هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

نقطة على الحرف- الحلقة 1154
لا في اللقب
الأَربعاء 4 حزيران 2014

 

        بين بُنود جدول الأَعمال في إِحدى جلسات مجلس الوزراء على عهد الرئيس الياس الهراوي كان مشروعُ قرارٍ يقضي بـإِلغاء الأَلقاب من المخاطبات الرسمية الـﭙـروتوكولية الشفوية والكتابية، ومن نصوص الـمُراسلات الإِدارية والقرارات الرسمية، من أَمثال “فخامة الرئيس”، “عطوفة الرئيس”، “دولة الرئيس”، “معالي الوزير”، “سعادة النائب”، وأَلقاب تفخيمية أُخرى موروثة من أَيام “سفر برلك” العثمانية حين كانت الـمُخاطبات تبدأُ بــ”فخامتْلُو”، “دولتْلُو”، “عطوفتْلُو”، “سعادتْلُو” إِلى سائر ليستة تبجيلات مَدَّاحة طيلة أَربعمئة سنة من سيطرة السلْطَنَة العثمانية على أَرضنا الحزينة وشعبِنا المقهور.

          رغم انحسار السلطنة العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأُولى، نعيِّدُ هذا العام مرور مئة سنة على بداية تلك الحرب ولا نزال نتوارث عاداتٍ عثمانيةً وأَلقاباً سُلطانيةً وتقاليدَ شعبيةً ليست أَقلَّها الأَركيلةُ في المقاهي والبيوت، وطقطقةُ السُّبحة بين الأَصابع ولو إِبّان الزيارات الرسمية.

          وفي نِظرةٍ عجلى إِلى دولٍ خلَعَت عنها عباءات التخلُّف والاستعمار والانتداب، نرى أَن الأَلقاب التفخيمية والتبجيلية غابت عن الـمخاطبات. فرئيس فرنسا في الإِعلام والصحافة فرنسوا هولاند عارياً حتى من لقب “مسيو”، ورئيس الولايات المتحدة باراك أُوباما عارياً حتى من لقب “مستر”، إِلاّ حين الـمُخاطبة الوُجاهية تقتضي الـمناداة بــ”مسيو لو ﭘــريزيدان” أَو “مِستِر ﭘــريزيدِنْت” كما يقتضي التهذيب العادي لا العُرف الموروث.

          في حالنا نحن خروجاً من الـموروثات العثمانية، يمكن في المخاطبات الكتابية أو الخُطَب الـمنبرية في المحافل الرسمية الاكتفاءُ بكلمة “السيّد الرئيس” أَو “السيّد الوزير” أَو “السيّد النائب” أَو “السيّدة الـمسؤُولة” بكل احترامٍ لائقٍ وتقدير رصين، أُسوةً بجميع المواطِنين الذين يخاطَبون بـ”السيد” أَو الـمُواطِنات اللواتي يخاطَبْنَ بـ”السيدة”، لأَن كلمة “الأُستاذ” أَو “الأُستاذة”، عُرفاً، مقتصِرةٌ على المحامي والمحامية، وهو لقَبٌ عِلميٌّ جديرٌ كــلقب “الدكتور” للطبيب أَو للجامعي حامل شهادة الدكتوراه في حقل اختصاصه.

          وهذا لا يَضير أَياً من الـمسؤُولين إِن حُذِفت منهم الأَلقاب، لأَن المسؤُول الذي يتمسَّك باللقب كي يَسطَع حضوره لن يسطَع ولو أَضافوا على اسمه ليستة أَلقاب إِن لم يكن هو ذاتُه ذا سُطوع وحُضور.

          عشيةَ فجرٍ جديدٍ عندنا لعهدٍ رئاسيٍّ جديد، حبذا لو يُطلِقُ الرئيس الجديد عهدَه بالتساوي مع رؤَساء الدول الحضارية في العالم، ويَطلُب أَن يدخل قصر بعبدا “السيد الرئيس” ويُلغي الأَلقاب العثمانية القديمة، فيـبدأَ عهده بشخصِه لا بلَقَبِه، ويكون عهدُه مُـختزناً طاقاتٍ علميةً ووطنيةً جدارةُ أَصحابها في اسمهم لا في اللقب العثماني الذي يحملون.