هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1131: “طوبى لمن آمَنُوا ولم يَـــرَوْا”
الأَربعاء 25 كانون الأَوَّل 2013

          ببساطته عقلاً مُشِعاً، وثوباً عادياً، وكلاماً بلا قناع، خاطب مجموعةً أَمامه من الشباب والصبايا جاؤُوا يُعيِّدونه بالميلاد.

          قال لهم بِـحُــنُــوّ الأَب الأَقدس ورَفَاقَة الصديق الوفي: “يسوع يُحبُّكم ويريد أَن يكون صديقكم. فانثروا فرح صداقته بينكم في البيت، في الرعية، في المدرسة، وبين أَصدقائكم”.

          وشرح لهم جوهر الميلاد أَنه: “احتفالُ حضور الله الآتي إِلينا يُخلِّصُنا. ولادةُ يسوع ليست أُسطورةً بل حدثٌ حقيقيٌّ جرى في بيت لحم قبل ما يزيد عن أَلفَي سنة. وفي شهادة الإِيمان أَنَّ مريم العذراء وَلَدَت طفلاً هو ابنُ الله تجسَّد كي يَمنحَنا حُبَّه. في وجه هذا الطفل نرى وجه الله لا بمظهر القوة والأُبَّهة والعظمة بل في الضعف والبساطة وخساعة طفلٍ صغير يبثُّ فينا الإِخلاص والحنان جناحَي حُبٍّ لامحدود يغمرُنا به الله”.

ورآهم يُصغون إِليه فأَكمل: “… وأَنتم تَحتفلون بالميلاد، تَذَكَّروا تقشُّف الرعيان تلك الليلة في بيت لحم، واذكُروا الآباء والأُمهات العاملين يومياً في جهد وضنى، المواجهين تَضحياتٍ موجِعةً من أَجل أَولادهم، واذكُروا الأَطفال والمرضى والفقراء، أَشرِكُوهم معكم إِن استطعتُم في الاحتفال بهذا العيد. وإِن فعلتُم تذوقوا معنى الحب الحقيقي، الحبِّ الغَيريّ غيرِ الأَناني: أَن تَمُدُّوا يداً إِلى محتاج، أَن تُشيحوا عن الحُكْم المتسرِّع على الآخرين، وأَن تُـجنِّبُوا لسانَكم كلامَ السوء”.

وخرج الشبان والصبايا من لقائه، وهم مُـمتلئون ميلاداً لم يذُوقوه من قَبْل.

بسيطاً كان أَمامهم هذا الفرنسيسُ البابا.

خَلَعَ عنه قناعَ البابوية وأَسفَر عن وجه راعٍ بسيطٍ يُخاطب الرعيَّة بِلُغَة الرعيَّة.

خَلَعَ عن الميلاد بهرجاتِ الميلادِ الدنيويةَ وزينتَه التجاريةَ ليُزيِّن القلوبَ بغبطة الحُبّ، فوحْدَها زينةُ القلوب تبقى لا إِلى ذبول.

مدهشٌ هذا البابا الذي غَـيَّــرَ المفاهيم: جاء يُمثِّل ذاك المتجوِّلَ حافياً بين الناس قبل أَلْفَي سنة، حولَه مؤْمنون يتكاثرون حلقةً بعد حلقة، يَكتفي بكَسْرة خبز، يكتفي بمشلحٍ بسيط، يكتفي بأَقلِّ الأَقل، ليبْذُرَ في القلوب كلمةَ الحقّ والعدل والسلام والحُبّ الكثير.

لم يطلب شيئاً له وطلبَ الكثير لـمن آمَنُوا به لأَنهم رأَوه فطَمْأَن الأَجيال الآتية بعدَه: “طوبى لِـمَن آمَنُوا ولـم يَرَوا”.

رأَى حوله كَتَبَةً وفِرِّيسيينَ تُجارَ هيكلٍ ومُرابين باسم الرب فخاطَب مؤْمنِيه: “مَـجّاناً تأْخذون مَـجّاناً تعطون”.

حين تصاعد الدُّخان الأَبيض من مدخنة الـﭭـاتيكان، أَطلَّ على المؤْمنين في ساحة القديس بطرس راهبٌ بسيطٌ أَعلن أَنه جاء يكمل رسالة معلِّمِه بأَن يسير حافي الحقيقة، لا يلبس سوى البساطة، مُتَشَبِّهاً بفَقيرَين: اليَسُوع والفرنسيس.

وما أَغناهُ وأَغنى رعيَّتَه بذَينك الـمُتَقَشِّفَيْن.