هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

795: وطنُ الأبجدية أم أوطانٌ للجاهليّة؟

وطنُ الأَبجديّة أَم أَوطانٌ للجاهليّة؟
السبت 25 أيار 2013
-795-

من جديدٍ: بيروت !!!
ها هي ذي: مرآةٌ تَشعُّ بالفرح مُـخاصِرةً أُولى الـمَراتب، مُوائِمَةً لبنانَ مع أَرقى دُوَل العالم.
في استطلاع مجلة “Condé Nast” الأَميركية المتخصّصة في شؤون السياحة، حلّت بيروت أُولى بين “أَفضل خمس مُدُن في الشرق الأَوسط” للسنة 2013. وحلَّت بعدها بيبلوس ثانيةً بتصويت 50 أَلف مُشارك إِلكترونياً وفق ستة معايير: جوّ المدينة، دماثة السكان، ظروف السَّكَن، المطاعم، البيئة الثقافية والآثارية، حركة التَّسَوُّق.
وذكَّرت المجلة ببلوغ بيروت مرتبةً أُولى سابقاً في استطلاع “نيويورك تايمز” كـ”أَفضل وجهة في العالم 2009″، و”الغارديان” (2010) وسواهما تركيزاً على دور بيروت التي لا تحجبها الغيوم السُّود إِلاَّ ظرفياً، واليوم على أَهمية جبيل الأَلفيّة في تاريخ البشرية.
إنها المدينة ترفعُ وطَنها بالتنافُس مع سائر المدن.
وطالَعَتْنا هذا الأُسبوع مواقعُ إِلكترونية سياحية وثقافية بِإِعلان مُدنٍ عالَـمية (كوﭘـنهاغن، نيوأُورلينز، سان فرنسيسكو، ستوكهولم، أَمستردام، ريو دي جانيرو، … ) افتتاحَ متاحفها هذا الموسم، وإِعلان مُدنٍ أُخرى (كاپ كاناﭬـيرال فلوريدا، ﭘـورت سميث إِنكلترا، …) استعدادَها لافتتاح متاحفها هذا الصيف، في كلّ متحفٍ ما يُشتهى، وفيه ما يُغري باستقطاب السياح إِليه لقراءة تاريخ العصر من أَحدث وسائط العصر.
هكذا إِذاً: تَتنافَسُ المدُن على الأَفضل والأَجمل، فَتَتَنَافَسُ بلدانُها على بلوغ نُور العصر وشمس الحضارة.
هل عندنا، نحن، في قيادة البلاد مَن يفكر بهذا التنافُس الحضاريّ العالي بين مُدُننا ومُدن الآخَرين؟
في العالم واحاتٌ حضارية نقيّة، وعندنا بُؤَرٌ موحِلةٌ بسياسيّيها يـُمَرّغون فيها شعبَنا ويُنفّرون منهم شبابَنا فيُديرون وجوههم صوب أَيِّ “هناكَ” بعيدٍ لا ينوُون الرجوع منه إِلى بُؤَر الْـ”هُنا”.
العالم يَعُومُ على غَمْر الوساعة والاكتشافات العلمية والتوغُّل في ذاكرة المستقبل، ونحن نَغرق في لُـجَج الضيق والمشاحنات السياسية التي تُرجِعُنا إِلى جاهلية الماضي.
هي ذي المدُن تَتنافَس لتنصيع صورة بلدانها فتَتَسابقُ حضارةً، وتعلو مراتبَ، وترتقي تصنيفاتٍ، وعندنا سياسيون يتنافَسُون تَشاحُناً وينحدرون إِلى مصالحهم الشخصية الانتخابية ويَسقطون خطاباً وتَبادُلَ تَشاتُم.
مدُن العالم تَـهنأُ بأَناقتها، ومدُننا تَقلَق من مفاجآتٍ كابوسية تسبّبها لها قياداتٌ تتَنافسُ على الوصول إِلى المراكز والمقاعد.
مُـجتمعُنا المدني يَبني المرآة للداخل والخارج، ومجتمعُنا السياسي يكْسر هذه المرآة.
وطنُ الإٍشعاع تقودُه سياسة التعمية ويسوسه أَبناءُ الظَّلام!
مَـحْوُ الأُمّيّة لا يكون بتعليم الناس القراءَة بل بِـمَحْو أُمّيّة سياسيين لا يعرفون أَن يقرأُوا تاريخ لبنان فيشوّهونه بتصرفاتٍ ومُهاتَرات تَجعل العالم يَرى لبنان، سياسياً، بَلداً أَخطرَ فوضويةً من مجاهل الأَمازون.