هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

793: “العيشُ من الحُبّ”

“العيشُ من الحُبّ”
السبت 11 أيار 2013
-793-

ذكيَّةً كانت بادرةُ المغنِّية الكنَدية ناتاشا سان ﭘـيار بتَناوُلِـها كلماتِ “تريزيا الطّفل يسوع” وأَدائها (مع المغنّية الإِندونيسية آنغُون) أُغنياتٍ وضَعَ موسيقاها غريغوار تورﭘـان، وإِصدارِها في سي.دي. يضُمُّ 12 أُغنية يَـجمعُها عنوان “العيشُ من الحُبّ”.
كلماتٌ بسيطةٌ حتى لتُخَال ساذجة. لكنها بعُمق الإيمان. والإيمان لا أَرضَ له ولا سماء. الإِيمان فضاءٌ ليس إِلى حُدود.
في نص القدِّيسة تريزيا: “العيشُ من الحُبّ: عطاءٌ بلا قياسٍ ولا انتظار مبادلة. حين نُحِبّ لا نَحسَب ولا نُحاسِب. نُحِبُّ وحَسْب. أَعطيتُ كُلّ ما عندي ولم يَعُدْ لي إِلاّ غِنى وحيد: أَن أَعيش من الحُبّ”.
الأَلحانُ دافئةٌ من مُناخ التقوى، الأَداءَ تقيٌّ من مناخ الصلاة، إِخراجُ الـ”ﭬـيديو كْليپ” جميلٌ من مناخ النُّسْك، وانطلاق السي.دي بــــ600 أَلف نسخة فور صدوره نجاحٌ من مُناخ الأَصالة الفنية.
وإِذا الكلمةُ مدخلٌ إِلى الأُغنية فها هي جاءَت عفويةً صادقةً رَفَعَتْها راهبةٌ كرمِليَّةٌ متواريةٌ خلْف أَسوار “دير ليزْيُو” تُناجي حبيبَها يسوع مبهورةً أَمام وجهِه المقدَّس فانتقَلَت مشاعرُها مُغنَّاةً إِلى كل العالم وجميع الناس عاطفةً صادقةً مثاليةً بطهارتها وبراءتها تحملها الأُغنية رسالةَ حبٍّ تَمسُّ كلَّ قلبٍ لأَنّ الحُبّ الحقيقيّ بسيطٌ صادقٌ طاهرٌ يَمسُّ كلّ قلب.
هي ذي رسالةُ هذه الأُغنيات. لولاها لبقيَتْ كلمات تلك الراهبةِ الكرمليةِ الصامتةِ صامتةً في كتابٍ لا يقرأُه إِلاّ المؤمنون في الكنائس والأَديار وفي خلواتهم النُّسكية. جاءت الأُغنية فأَخرَجَتْها إِلى شمس الناس رَشَّةَ ماءٍ منعشةً على عطش الفنّ النظيف بكلماتٍ بسيطة ولحنٍ جميل.
الراهبةُ الكرمِليّة الصبيَّة (توفِّيَت عن 24 عاماً) كتبَتْ حُبَّها لا عن تجربةٍ بل عن إِيمان. والإِيمانُ لا يحتاجُ تجاربَ وخبراتٍ ومغامرات. يحتاجُ الحُبَّ وحسْب، كما في كلمات تريزيا: “العيشُ من الحُبّ: أَيُّ جُنونٍ غريب! قلبٌ إِلى قلبٍ ينبضان ليلَ نهار حتى الموتِ في الحُبّ بالعيش من الحُبّ. لم أَعُدْ أَطلُبُ من الدنيا إِلاَّ أَن أَرى وجهَكَ البهيَّ وأَتَّحِدَ بكَ فأَعيشَ من الحُبّ”.
هنا تذوبُ المساحة بين تريزيا والحبيب يسوع. في كلّ حُبٍّ تريزيا طاهرةٌ، وفي كل تريزيا حبٌّ طاهر.
هنا سعادةُ القلبِ ونشوةُ الروح: العيشُ من الحُبّ. العيشُ في الحُبّ. العيشُ للحُبّ. العيشُ إِلى الحُبّ.
كاتبو الأَغاني لماذا يَبحَثُون خارج البساطة عن كلماتٍ للأَغاني حينَ راهبةٌ كرمليّة نائيةٌ كتبَت أَجمل الحُبّ ببساطة الإِيمان؟
لا حُبَّ بدون إِيمانٍ ولا إِيمانَ بدون حُبّ. وحدَه يجعلُ للحياة معنى العيش الأَرقى.
ولا أَرقى أَرقَّ… عند العيش من الحُبّ.