هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

حلرف من كتاب- الحلقة 107
“رئيف خوري الأديب الحيّ والمفكّر الحُرّ”- تنسيق د. ربيعة أبي فاضل ود. عصام خليفة
الأَحـد 10 آذار 2013

مع مصادفة هذا العام 2013 مئويةَ الأَديب اللبناني رئيف خوري، أَصدَرَت الحركة الثقافية – أنطلياس وبلدية نابيه، بلدة الأَديب، الكتابَ التوثيقيّ “رئيف خوري الأَديب الحيّ والـمفكِّر الحُرّ”، في 440 صفحةً قطعاً كبيراً، مُـجَلَّداً أَكاديمياً لائقاً نسَّقه الدكتوران ربيعة أَبي فاضل وعصام خليفة، اللذان صَدَّرا الكتاب بـمقدمتَيْن جمَعَتَا التحليل والبيوغرافيا في أُسلوب علميّ رصين.
في الكتاب 22 نصاً عن رئيف خوري كاتباً وإِنساناً ومناضلاً ثائراً وأَديباً خرّج أَجيالاً من الطلاّب إِلى عالم الأَدب، هو الْــكانَ ساطعاً في حلقاتٍ أَدبيةٍ شَكَّلَت في الــرُّبْــعَين الثاني والثالث من القرن العشرين نهضةَ لبنانَ الأدب مع ذاك الرعيل المبارك.
تتوالى النصوصُ في الكتاب من دكاترةٍ وباحثين شكّلوا لوحةً متكاملةَ المضمون عن رئيف خوري مَراحلَ وإِنتاجاً، فكتب صادر يونس عن رئيف خوري في ذاكرة الناس والوطن، وأَنطوان الخوري طوق كيف تعرّف إليه، وجبران مسعود عن ذكرياته معه، وأَحمد عُلَبي عن مكافحة الفاشية، ومحمد دكروب عن نِظْرة رئيف خوري إِلى ممارسة الديمقراطية، ومسعود ضاهر عن رؤيته التاريخية للثورة الفرنسية، ووفاء شعبان عن تجديد الفكر العربي في أَدب رئيف خوري، وديزيريه سقّال عن كتاب “وهل يخفى القمر؟”، وسامي سويدان عن نهج رئيف خوري في النقد، ويوسف عيد عن الفكر والضمير في الدراسة الأَدبية، وأَحمد أَبو ملحم عن التقارب بين رئيف خوري والياس أَبو شبكة في كتابين لهما، وسالم المعوش عن كتاب رئيف خوري “مع العرب في التاريخ والأُسطورة”، والياس يونس عن كتاباتٍ مجهولةٍ لرئيف خوري، وجان دايه عن بدايات رئيف خوري، وأَديب سيف عن أَفعل التفضيل لدى رئيف خوري، وكريم مروّه عن ذكرياته مع الرئيف، وملكة رئيف خوري عن والدها وتلك الذكريات، وسارة ضاهر عن رواية رئيف خوري “الحبّ أَقوى”، وربيعة أَبي فاضل مجدَّداً عن مجموعة خوري القصصية “حبَّة الرمّان”، وبسام أَبي فاضل عن المئوية، وﭘـول معوّض نصاً فرنسياً عن إِنسانية خوري، وختم الكتابَ مروان شمعون بقصيدةٍ إلى صاحب المئوية.
ويستعيد الكتابُ مراحلَ مضيئةً من سيرة رئيف خوري ونشاطه في “جمعية أَهل القلم” و”دار المكشوف” والتدريس في الثانويات، والتأْليف الأَدبي الواسع، ومناظرته الشهيرة مع طه حسين سنة 1955 في دار المقاصد الإِسلامية حول موضوع “لِـمَن يكتب الأَديب: أَلِلْخاصَّة أَم للعامَّة؟”، خرج منها أَديب مصرَ الكبيرُ مصرِّحاً: “لقد انتقل الأَدب من القاهرة إلى بيروت”.
رحلةٌ أَدبيةٌ مُـمتعةٌ هذا الكتابُ إِلى عالم رئيف خوري أَديباً متنوِّعَ المرامي: قاصّاً، روائياً، ناقداً، شاعراً، مؤَرِخاً، مسرحياً، مفكراً سياسياً، مدرّساً، إِنساناً متميِّزاً، ساخراً لا يجرح، عميقاً لا يُقَعِّر، متمَكِّناً لا يباهي، كريماً لا يكابر، واسعَ العِلْم والمدارك حتى ليغدو في شخصه موسوعةَ معرفةٍ غنيةً في الأَدب والفكر والانتماء والالتزام، وهو ما بات اليوم نادراً في أَعلام الأَدب المعاصرين.
ويلفت في شخصه وأَدبه تعلُّقُهُ ببلدته نابيه، وَكْرِهِ الجميل في أَوّل العمر وآخر العمر، فيها وُلِدَ سنة 1913 ونام في ترابها حين صرعه المرض في خريف 1967 عن أَربعةٍ وخمسين عاماً وهو في عزّ نُضجه الأَدبي والإِنتاجي.
حين غاب الياس أَبو شبكة كتب رئيف خوري: “مات الياس أَبو شبكة في أَواسط العمر، وما كان أَخصَبَهُ عُمراً في الكدح والإِنتاج والكثير من العُلُوّ إِلى الأَوج”. وفي ما قاله عن أَبو شبكة يصُحُّ فيه أَيضاً، هو الذي انقصف في أَواسط العمر فسكَتَتْ معه صفحاتٌ كادَت تُطوى فجاء هذا الكتاب “رئيف خوري الأَديب الحيّ والـمفكِّر الحُرّ” ليُعيدَه إِلى الضوء في مئوية ولادتِهِ التي احتفَلَت بها الحركة الثقافية – أنطلياس هذا الأسبوع، نَدوةً وكتاباً، كما يَليق أَن يُحتفى بأَديبٍ كان لولب المنتَدَيات في لبنان وصوتاً ساطعاً في سماءِ الأَدب.