هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

779: غنى الأدب أم الأدب؟ (1/2)

غنى الأَدب أَم الأَديب؟ (1/2)
السبت 2 شباط 2013
-779-

لم تعُد “أَفعل التفضيل” الماليّة قصراً على “فوربس” رجال الأَعمال بل بلغَت “فوربس” عالم الكتب.
فعن لائحة “الفيغارو” بـ”أَغنى 15 كاتباً في العالم لسنة 2012″ من عائدات مؤلَّفاتهم موضوعةً ومترجمة، ظَهَر أَغناهم الأَميركي جيمس ﭘـاترسون: 94 مليون دولار (مبيع نحو 200 مليون نسخة)، وأَقلّهم الأَميركي دين كونز: 19 مليون دولار.
وخرجَت من المنافسة كتُب الروائيّة الإنكليزية الثريَّة جُوانَّا رولينغ رغم متابعة الملايين مغامرات بطلها الفتى “هاري ﭘـوتر”، ما جعل عائداتها “تقتصر” على 17 مليون دولار من حقوقها في الكتب وترجماتها وتحويلها سينمائياً.
من اللائحة يتّضح أَنّ الكتب جميعها بالإنكليزية، وأَنها من الـ”بِسْتْ سِلِر” (الأَكثر مبيعاً) ذات المواضيع الـﭙــوليسية والجاسوسية والعاطفية، في بعضِها مشاهدُ جنسية وخيال روائي، وليس بينها كُتُب في الأَدب أَو الفن أَو الفكْر أَو الفلسفة.
هذه الأَرقام، مبيعاتٍ وعائداتِ حقوقٍ، تتشكَّل من الصدور في طبعات مختلفة بين حجم عادي و”كتاب جيب”، ومن أُسلوب الكاتب مشوِّقاً يشدُّ قارئيه فيترقَّبون جديده أياً يكن، ومن دقّة الحفاظ على “حقوق المؤلّف محفوظة” لا نظَرياً وحسْب بل لدى دوائر القضاء عند الحاجة إليها.
لتلك العناصر وسواها يكتفي الكاتب الأنكلوفوني بقرّاء “قارَّته” الإنكليزية اللغة وبترجمات كتُبه خارجها، ولو انّ “صناعة” تأْليف الكُتُب باتت، في معظمها، على موضة الـ”فاست فود” والهمبرغر والماكدونالدز، يساعد عليها سعرُ الكُتُب التشجيعيُّ وسرعةُ قراءتها التي نادراً ما يعود إِليها قارئُها ثانيةً إِلاّ إِذا نقلتْها الشاشة مسلسلاً تلـﭭـزيونياً أَو فيلماً سينمائياً؟
في بعض الإِعلام الغربي، صحافةً أَو مواقعَ إِلكترونية، يَصدر إِعلانٌ عن كتاب جديد لا يكتفي ناشره بذكْر عنوانه واسم مؤلفه بل يحدِّد نهارَ صدور الكتاب، ما يدلّ على ارتياد القراء المكتبات لاقتناء الكتاب بدءاً من ذاك النهار.
وللكتاب الجديد في معظم الغرب مواسمُ وحوافزُ عرضٍ أَو تسويقٍ تجعل الكتابَ جزءاً عضوياً من حياة الناس اليومية، همُ الذين يَقرأُون لأَنّ القراءة من أَساس نشأَتهم: في المترو يقرأُون، في الطائرة، في انتظار الباص على المحطة، في المقهى، في الحدائق العامة، في أَيِّ مكانٍ فاصلٍ بين بين، فيكون الكتاب رفيقَهم، عدا أَوقات القراءة في بيوتهم أَو استراحاتهم.
وهذا ما يَجعل الكتاب يَرُوج فيسجِّل أَرقام مبيعاتٍ ما زلنا بعيدين عنها في عالَـمٍ عربيٍّ ليس الكتابُ من عاداته اليومية.
فلماذا لا يسجِّل أَديبٌ عربي مبيعاتٍ عاليةً كما يسجِّلُها كاتبٌ أَميركي أَو أُوروﭘـي؟
(التتمة: الأُسبوع المقبل)