هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1064: الاختراع بين ذكاء الأفراد… وذكاء المجموعة

الحلقة 1064: الاختراع بين ذكاء الأفراد… وذكاء المجموعة
الأربعاء 12 أيلول 2012

طالـَما اعتَدْنا أنْ كلّما اشتدّ الضغطُ القاتم على الوضع المحلي في لبنان، يُشرقُ ضوءٌ من بَعيدٍ يُعيدُ إلى الأَمَل الألَق، وإلى الغيم الرماديِّ وهْجَ الضياء من لبنانيٍّ هناك أو هنالك، ربح مباراةً، أو نال جائزةً، أو أتى اختراعاً أو اكتشافاً، أو أحرز ما أَسَال حبراً في صحافة العالم عن عَلَمٍ من لبنان.
وهذا ما حصل قبل أيامٍ، حين صدَرَت الصحُف العالـميّة تَنشُر أسماءَ لبنانيين ثلاثةٍ برزوا أَعلاماً في حقل العلْم، نالوا جائزة “المجلة التكنولوجية” الصادرة عن المؤسَّسة الأميركية الشهيرة “معهد ماساشوستس للتكنولوجيا” (MIT) في كمبردج، وفازوا بــــ”مسابقة مجلّة التكنولوجيا 35″ (تأسست سنة 1999) وتَـمنح سنوياً 35 جائزة لِمن هم دون الخامسة والثلاثين من مخترِعين ومكتشِفين ومبتدِعين في حقولٍ علمية مختلفة من بيوتكنولوجيا ومعلومات ووسائط نقل ووسائل علمية أخرى.
هذه السنة، بين خمسة فائزين عن دول الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، فاز ثلاثةُ لبنانيين، هم:
هند حبيقة، ابنة الخامسة والعشرين، اخترعت منظار الغطس “باترفلاي”: يقيس دقّات قلب الغاطس لـمُساعدته على التحَكُّم بأدائه، ويعطيه الـمسافة التي يقطعها تحت الماء وعدَد الكالُوريات التي يصرِفها.
الثاني: إيلي خوري، أحد مؤسسي شركة “وُوﭘْـرا” سنة 2008 في سان فرنسيسكو من ولاية كاليفورنيا الأميركية، تَـمكّن من تطوير جهازٍ يتناول الـمعلومات والـمعطيات لأَيّ عملٍ أو ورشةٍ أو مشروعٍ، فيقيس الوقت الحقيقي بالضبط لإنجاز النتائج.
الثالث: حبيب حداد، صاحب شركة “يـَـملي”، اخترعَ مُـحرِّكَ بحثٍ عربياً للكومـﭙـيوتر ولوحة كتابةٍ عربيةً ذكيةً يمكن البحث من خلالها بدون الكتابة على مكابس الكومـﭙـيوتر العادية.
هؤلاء اللبنانيون الثلاثة دون الخامسة والثلاثين، اكتشَفُوا أو اخترعُوا أو ابتدَعُوا منصّاتٍ جديدةً لروّاد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، وامتداداً منها إلى العالم حيث تَنشأُ الحاجة إلى بيئةٍ من الأعمال الناشئة والمشاريع الطالعة أو الأفكار التي تبحث عن مراجع أو مصادر أو وسائل أو وسائط حتى يبدأ تنفيذها أو يكتمل.
من هنا براعتُهم بـِمجاراة العصر وريادتِه في حقل البرامج الإلكترونية أو إنشاء الشركات أو تطوير الأعمال أو تسهيل الاستثمارات، وجميعُها تحتاج إلى دراساتٍ وتخطيطٍ ودرسٍ للخروج إلى مرحلة التشغيل والتنفيذ.
ثلاثة لبنانيين أتاح لهم الخارج فُرَصَ الشُّهرة والاكتشاف فَقَطَفَتْ موهبتُهم الابتداعيةُ الخلاَّقة جوائز من مستوى عالـميّ.
وهكذا، فيما المسؤولون عندنا منهمكون في سيناريوات تأجيلٍ وتسويفٍ وتَـمييعٍ لـمَطالبَ من هنا، أو حقوقٍ من هناك، أو وُعُودٍ من هنالك، وفيما المواطنُ يَرزح تحت ثقل العمْر وانتظارِ راتبٍ هنا أو رتبةٍ هناك بعد سَنوات من الوُعود حتى ليشعر هذا المواطنُ أنه مَدينٌ للدولة بضرائبَ جديدةٍ لا أنّ الدولة مَدينةٌ له بتأمين أبسط حقوقه الإنسانية، نجدُ لبنانيّين طليعيّين يَبتدعون لـمستقبلِ الإنسانية اكتشافات واختراعات تُطَوِّر عمل الإنسان في الحقول المعرفية، ويشهد لهم الخبراء بأهمية ما يكتشفون.
لبنانيُّون في الداخل ينتظرون رحمة الدولة كي تَفي بوعودها، ولبنانيون يتلقَّف إبداعَهُمُ الخارج فَتَنْتَظرهُم الدُّولُ كي تُفيدَ من عبقريَّتهم اللبنانية الشابة التي، كعادة لبنان عبر الزمن، تقدِّمُ للعالَـم ضَوءَ المعرفة وشُعاعَ التَّطَوُّر.