هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

حرف من كتاب- الحلقة 80
“موقع دير القلعة الأثري”- الأب رولان مراد والدكتور حارث البستاني
الأحـد 2 أيلول 2012

موقع دير القلعة الأثريّ أكبر مُـجَمَّع دينيٍّ على أرضنا من العهد الروماني بعد مُـجَمَّع هياكل بعلبك.
ومن بقايا فيه لـهيكل الإله بعل وهياكل الآلهة وطريق التطواف بينها، تنكشفُ من القرن الأول الميلاديّ هندسةٌ معماريّة لهذه التلَّة المشْرفة على بيروت، كانت مَوقعاً دينياً يؤمّه الحجاج والمؤمنون من جميع الشرق متعبّدين للإله الأكبر بَعْل مُرَقِّد.
هذا الموقع الأثري المميَّز استأثر بدراسات عدّةٍ وضعها خبراء ومستشرقون كبار أَمَّوْهُ وكتبوا عن عظمته التاريخية الجامعةِ الحقبةَ الوثنيةَ القديمةَ وتلك المسيحيةَ في ما بعد.
هذه الدراسات القيّمة أوكلَت الجامعة الأنطونية تنسيقَها وترجمتَها إلى الأب رولان مراد والدكتور حارث البستاني، وأصدرتْها سنة 2011 ضمن سلسلة منشوراتِها الجامعية في كتاب “موقع دير القلعة الأثري ودير مار يوحنا” في 190 صفحة حجماً موسوعياً كبيراً غنياً بصُّوَر أَركيولوجية نادرة، نقوشاً وفخارياتٍ وبقايا أعمدةٍ وفسيفساءات وحجارة شاهدة، مضافةً إلى غنى النصوص وشروحها والتّعليق عليها.
أول النصوص من الرَّحَّالة الإيطالي جيوﭬـاني مارِيتّي: فصلان عن دير القلعة نشرهما في كتاب رحلاته إلى الشرق سنة 1787، وفيهما زيارتُهُ إلى الموقع وتفَحُّصُه النواويسَ والدَّيرَ والهيكلَ والكتاباتِ وكنيسةَ مار يوحنا ووصفٌ دقيقٌ للمكان والمحيط.
ثاني النصوص للمستشرق الأب هنري لامنس: دراسةٌ أثرية قيّمة وردَت في كتابه “تسريح الأبصار في ما يحتوي لبنان من الآثار”، درس فيها الأَخْرِبَةَ والـمُجَمَّعَ السّكانيَّ القديم وتفاصيلَ معبد بعل مُرَقِّد، وأَورد شروحاً عن طقوس عبادته.
نص ثالث للقنصل الفرنسي هنري غيز الذي جاء لبنان سنة 1850 واهتمّ كثيراً بآثار لبنان وكتَبَ عنها، وله في دير القلعة دراسةٌ دقيقةٌ وثَّقَ فيها ما شاهده فيه من نقوشٍ وكتاباتٍ وآثار وبقايا معالِـم.
وفي الكتاب رسالةٌ من زائرٍ يدعى دوبرتو إلى صديقه لوتران (كلاهُـما غير معروف) يسرُدُ فيها تفصيل زيارتِهِ موقعَ دير القلعة، ويعطي قياساتٍ دقيقةً لكل حجرٍ أو مسافاتٍ أو كتابات.
ثم يأتي نص الأب اليسوعي سيباستيان رونْزِﭬـال، وهو عالـِمٌ وباحثٌ مدقّقٌ عن معالِم دير القلعة الأثرية والتاريخية، وفيه معلوماتٌ جديدةٌ أضافها إلى الدراسات السابقة.
وفي الكتاب دراسةٌ هندسيةٌ معماريةٌ وضعها الباحثان فيليپ اليان وليـﭭـون نورديكيان عن هياكل دير القلعة، تركيزاً على معبد الإله بعل مُرَقِّد، ودراستُهُما هذه أفضلُ وأوسعُ دراسةٍ في تفاصيلِ ما جاءا به من مشاهدات وتدوينات، خصوصاً في دراسة تاليةٍ مستفيضةٍ موسعةٍ لــليـﭭـون نورديكيان: “نظرة تاريخية على موقع دير القلعة الأثري وجواره”.
ختام الكتاب: مشروع “تأهيل موقع دير القلعة” كما وضعَتْهُ المهندسة المعمارية ياسمين معكرون في ثمانية أقسامٍ مفصَّلة، وأَودَعَتْهُ وزارةَ الثقافة للتنفيذ.
نغلق هذا الكتاب “موقع دير القلعة الأثري ودير مار يوحنا” ونكون اكتشفنا مَعْلَماً آخَر من تراث لبنان التاريخي والأثري، نباهي به بَعدَ بعلبك أثراً مهيباً على أرضنا من العهد الروماني، يجعل أرضَنا الطيِّبةَ الخالدةَ مسرحَ حضاراتٍ وثقافاتٍ تعاقبَت عليها لتجعل من لبنان وطناً ذا شعب تَـمسَّك بالحرية للحياة، وأرضاً تُـمْسِكُ بشَواهد الزمان حتى تظلَّ تليقُ بحياة أبنائه هناءةُ الحرّيّة.