هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1043: لبنانُ العيد… في الإعلام الرشيد

الحلقة 1043: لبنانُ العيد… في الإعلام الرشيد
الأربعاء 11 نيسان 2012

وسْط هذا الجوّ المغبَرّ الرماديّ يُطالعنا يومياً من وسائل الإعلام وصفحات الصحف ناقلاً إلينا صبحَ مساءَ تصاريحهم ومقابلاتهم وحواراتهم وفضائحهم وتبريراتهم واجتماعاتهم وتقريراتهم وتقاريرهم (وفي جميعها ما يُعطي عن لبنان صورةَ التخبُّط والفوضى والفساد والإضرابات والاعتصامات والصفقات حتى يخال المتابع أننا على حدود الخطر – ونحن لسنا كذلك -)، يُطِلُّ علينا خبرٌ أبيضُ يعوّض عن اسوداد أخبارٍ تحاصرنا وتنغّص عيشنا اليومي.
الخبر نقلتْه وكالة “رويترز” عن إحصاء قامت به شركة مـختصَّة تَبَيَّنَ فيه لبنان بين عشر دول تنصح الشركة بالسفَر إليها لتمضية عطلة الفصح.
حلّ لبنان ثالثاً بعد الأرجنتين واليونان، وقبل سكوتلندا وإشبيلية (أسـﭙـانيا) والسويد وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وكندا.
في نص “رويترز” (بالفرنسية) عن لبنان جاء: “في هذا البلد تُطالع الزائرَ شوارعُ منمّقة مزخرفة مزيَّنة، ومَحالُّ أنيقةٌ بهيجة، ومطاعمُ ممتلئةٌ رواداً، ومظاهرُ الفصح مزهوةً عند كلّ ناحية وناصية: أرانب بلاستيكية، صيصان حيّة، شوكولا، بيض ملوّن،… ونهار الجمعة العظيمة ينكفئ الجميع إلى قدّاس الآلام، ونهار الأحد ينفلشون على وسْع فرحهم بالعيد، بدءاً من قداس الفصح صباحاً، وإنهاءَ صيامِ أربعين يوماً علامتُهُ مَـدُّ موائدَ زاخرةٍ بلحم الضأن والأطايب المصاحبة، وصولاً إلى التفاقُس ببيض العيد. ولا ينهض المدعوون والداعون إلاّ بعد تَلَمُّظ “المعمولِ” اللبناني المعمولِ بالسّميد والزبدة، والحاضنِ التمرَ والمكسَّرات من جوز ولوز وسكاكر، ما يجعل أَكْلَها متعةً في ذاتها”.
وتحت هذا المقطع عن لبنان صورةٌ التقطَها مصوِّر “رويترز” في بيروت محمد عزاقير لسيدة لبنانية تزيّن بيضة كبيرةً من الشوكولا تهيئةً للعيد.
أعرف أن كلّ هذا الكلام ليس جديداً على اللبنانيين، لا بظروفه ولا بطقوسه ولا بمآكله. غير أنه، منشوراً في الصحف ومبثوثاً من الإعلام وصادراً عن وكالة “رويترز” العالمية الشهيرة (توزّع الخبر على آلاف الوكالات ووسائل الصحافة والإعلام فتنشرها هذه إلى ملايين الملايين من الناس)، يعطي اللبنانيين ومضةً من ضوءٍ على خبر عن بلادهم يتلقّفه العالم غيرَ ما يتلقَّف يومياً من أخبار السياسيين وتصاريحهم وتشاتُـمهم وأخبارهم وتناقضاتهم وما يُضمِرون وما يُضْمَر لهم أن يُضْمِروه.
الشاهد ليس في الإعلام عن العيد في لبنان، بل في نشْر خبرٍ عن لبنان العيد في الإعلام الرشيد.
والشاهد ليس في طبيعة الخبر بل في لَفْتِ السيّاح والزوّار إلى تمضية عطلة الفصح في لبنان، دعوةً جاءت بين عشر دول كبرى من العالم برزَ بينها لبنانُ وجهةً سياحيةً مغْريةً، وجاذباً سياحياً كان سيبدو طبيعياً لو صدر من لبنان، لكنه جاء من إحدى كبرى وكالات الإعلام العالـمية، نَشَرَتْهُ وكنّا نتمنى أن نقرأَه في صحفنا ويُعلِنَ عنه إعلامُنا مَرئيُّه والمسموع، بين أخبار أخرى يتابعها اللبنانيون والعالم لا تَنقل عن لبنان إلا الرماديّ أو الأسود من الأخبار.
وبين أحد الشعانين قبل ثلاثة أيام، وأحد الفصح بعد ثلاثة أيام، يقف الأربعاء وسَطاً ينقلُ إلى الناس خبراً أبيض يشبه شمعة الشعانين، وضوءاً أبيض يأتينا من العالم يَزيد من شَعّة الفصح صباحَ الفصح، ويُصَوِّرُ عيد القيامة في لبنان على صورة ما تستحقُّه قيامةُ لبنان.