هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

حرف من كتاب- الحلقة 50
“زوق مكايل جُمهورية بلدية”- مجموعة باحثين
الأحد 22 كانون الثاني 2012

في طبعةٍ أنيقةٍ تُشبِه أناقةَ الواحة التي يَضُمُّها، أعَدَّ “المركز الثقافي البلدي” في زوق مكايل، تعاوُناً مع وزارة السياحة، كتاب “زوق مكايل مدينة السلام للعالم العربي” هي التي فازت بهذا اللقب عن سنَتَي 1998-1999.
كأنّ أناقة الزوق اختُصِرَت في هذا الكتاب: قُمْقماً من جمالٍ وبَهاءٍ وضياء، يَضُوع على الزائر والسائح لوحاتٍ طبيعيةً تَتَمَشْوَرُ بين شوارعَ باسمةٍ وشرفاتٍ مزْهِرةٍ وأشجارٍ مُرحِّبَةٍ وبيوتٍ مضيافةٍ بأَهلِها والسُّكّان، أو زهواً عمرانياً مُرتَّباً في تنظيمٍ مُدُنيٍّ نَموذجيٍّ لِمنازلَ وأبنيةٍ يتطربَشُ معظمُها بالقرميد الأحمر، أو حركةً ثقافيةً واجتماعيةً وفنيةً تَجعل زوق مكايل مقصد اللبنانيين والسيّاح الأجانب إلى سُوقها العتيق أو خصْرِها الجديد أو نَولِها الذي لا يزال عنوان الغوى بالمذهَّب القَصَب.
في ثلاث لغاتٍ هذا الكتاب: عَربيِّها والفرنسي والإنكليزي، وعلى 176 صفحةً كاملةَ الضوء والألوان، يتنزَّه القارئ صفحةً صفحةً في زوق مكايل، وكلُّ صفحة تنادي: “أنا أحلى”: من جائزة “مدينة السلام للعالم العربي” وتمثالِها الرمز، إلى هوية الزوق اسماً وتاريخاً وجغرافيا وديموغرافيا، إلى متحف ابنها الشاعر الياس أبو شبكة – أحدث متحف شخصي في لبنان وفق المعايير العالمية-، إلى مدرجها الذي يستقبل صيف كل عامٍ كبار نُجوم الغناء والموسيقى من لبنان والعالم في “مهرجان زوق مكايل الدولي”، مفتوحاً على رحابة الخليج الفيروزي، ناظراً إلى القصر البلدي الجالس مهيباً بإدارته الحازمة وسهرها الدائم، ملتفتاً إلى السوق العتيق الذي كرّس تقليداً سنوياً يستقطبُ كلَّ صيفٍ في “ليالي السوق العتيق” آلافاً يتجوّلون بين أجنحته من كلّ نوع، في قلبه يتنهّدُ عاشقاً دَرَجُ القمر، وتُكَركِر عند خاصرته أركيلةُ القهوة العتيقة، ويتابعُ الزوار عجْقة الحِرَف التقليدية، ويَمُرُّون عند كتفِه على السوق الفوقاني والحديقة العامة المسمّاة “جنينة الزيتون”، وقد يتابعون عرضاً مسرحياً أو سينمائياً في “بيت الشباب والثقافة”، أو يطلُّون على علْوة جونيه من “مقهى الأدباء”، ويزورون “شارع الفنانين” المشكوك أنصاباً فنيةً رائعةَ النحت والحضور، وربما يَخشعون في إحدى الكنائس الأثرية العابقة بالصلوات والتاريخ، ويغادرون راسمين في ذاكرتهم بيوتاً زوقيةً لبنانية الطراز متجاوِرَةً مع أحدث هندسة في أبنيةٍ جديدة، بعدما يُمضون مِتعةً من وقتٍ في معالم الزوق السياحية من فنادقَ ومقاهٍ ومطاعمَ وصالاتِ سينما ومنتجعاتٍ بحرية، ولا يُمكن أن ينسَوا مذاقَ أطايب المطبخ الزُّوقي، وخصوصاً عريسُها المرصَبان وأخوه السَّنْبُوسِك، وكلاهما قبلةُ لوزةٍ عروسٍ من بساتين لَوْز الزوقِ المزْهَرِّ أبيضَ يلوِّح من بعيدٍ معلناً وُصُولَ الربيع.
جميع هذه الحلاوات يَجدُها القارئُ في هذا الكتاب عن الزوق، تفتتحه كلمةٌ من رئيس بلديتها المحامي نهاد نوفل الذي تولاّها سنة 1963 ضيعةً غافيةً على خصْر كسروان فجعلَها لؤلؤةً واعيةً على جبين لبنان، حتى صحَّ فيه وفيها قولُ سعيد عقل:
ولا نُسَيماتُ دَوحِ الزُّوق كُنَّ لَظىً والـزُّوقُ هَمسُ صلاةٍ وابتِهالُ دُعَا
لَها من الوُلْد مَن عَلّى بِها… يَـدُهُ إلهــةً قلْتَها… مرمىً… ومُختَرَعَا
غِوى اخْضِرارٍ، غِوى زهْر تشاؤُهُما “يا زُوقُ” قُلْ، فَتَرى بابَ السَّما شُرِعَا
وينغلقُ الكتاب غلافاً أخيراً على جيبٍ فيه أسطوانةٌ مدْمَجة (CD) لڤيديو من 28 دقيقة تَختصر هي الأُخرى زمناً جمالياً من زوق مكايل التي باتت اليوم “جُمهوريةً بلدية فاضلة”، أفضلُ اختصارٍ لِهُويَّتها: عبارةٌ مزهوَّةٌ عند مدخلها تدعوكَ أَنِ “ابْتَسِمْ… أنتَ في زوق مكايل”.