هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1020: خلُّوا عيونكم مفتوحة على أولادكُم

الحلقة 1020: خَلُّوا عيونكم مفتوحةً على أولادكُم
الأربعاء 2 تشرين الثاني 2011

بين حوادث التعنيف والخطْف والتَّحَرُّش الجنسيّ وسُوء المعاملة أو الإغراء أو الإغواء، يتعرّض الأَطفال والأَولاد لِجميعِ أَنواع المصائر. لذا فلْتَبْقَ عيون الأهل ساهرةً على تَحرُّكات أَولادهم وحرَكاتهم وحَراكهم، في البيت أو المدرسة أو في أَيِّ مكانٍ آخر يكونون فيه برفقة أَيٍّ كانَ غير الأهل، كي لا يقع الأولاد ضحيّة شخص يَركُن الأهل إليه فيغافلهم بسوءِ معاملة الأولاد عَمْداً أو عفْواً أو بَين بَين. ففي غفلة الأهل قد تكون أَكثرُ الأماكن أَمْناً وأماناً لأَولادهم هي التي يتعرَّضون فيها لِمصير سَيِّئ.
هذا ما انبَرَت له مؤخَّراً جمعية “حِماية” (منظَّمَةٌ مدنيةٌ غيرُ حكومية) فأطلقت حَمْلَةَ “خَلُّوا عيونكم مفتوحة على أَولادكم” وحقّقت ثلاثة أفلام قصيرة للتوعية. أَوَّلُها بعنوان “كَسْرُ الصمت”، يدعو إلى عدَم التكتُّم على التابو الحاصل بِحجَّة أَنَّ “اللي صار صار”، لأَنّ الإِخطار يَمنَعُ الأَخطار ويَحول دون أن يعودَ “فيصيرَ اللي صار”. والثاني بعنوان “في كلّ مكان”، ينبِّه إلى أَنّ المتربِّص قد يكون في أكثر الأماكن أَماناً واطمئناناً. والثالث بعنوان “في الملعب” يُوَعِّي على تَجاوُز التابو والإخبار عن أَيِّ تصرُّفٍ غريبٍ وتفتيح العين على كُلّ حركةٍ مشبوهةٍ في أماكن تبدو الأقل شُبْهةً أو اشتباهاً: في الصف أو الملعب أو مع الخادمة أو مع المربية أو في حديقة عامة أو في أَيِّ مكانٍ آخر يكون فيه ولدٌ أو فتاةٌ في عُهدة غيرِ الأهل.
ويلفت في حملة الجمعية شعارُها: “بين كلّ سبعة أولادٍ في لبنان واحدٌ يتعرَّض للتحرُّش الجنسي”. لذا دعت جمعية “حِماية” إلى كسْرُ التكتُّم والإعلام والإخبار والتبليغ عن كلّ حادثةٍ أو مُحاولةٍ أو اشتباه، كي لا يتفاقمَ الأمرُ وتكونَ الكارثة فيقعَ الأولادُ ضحيةَ تَحرُّشٍ أو اغتصابٍ أو تعنيف في أماكن لعِبهم ولَهْوِهِم، أو داخلَ بيوتهم في غفلة عن الأهل والمربّين والمربيات، أو خلال ساعات المدرسة في غفلة عن النُّظَّار والمسؤولين.
وإذا الوقايةُ أنْجعُ من العلاج، فالتَّنَبُّهُ إلى خلوات الأولاد أفضلُ وقايةٍ لَهم من ذئبٍ مفترسٍ في هيئة إنسان، ومن عقْدة نفسيةٍ تُلَطِّخُ طفولتَهم اليوم وَصْمَةً يَحملونها في صمت وحين يكبرون لا يدري أحد إلى أين تذهب بِهم في سلوكهم والتصرُّف.
أولادُنا وطننا الآتي، وكُلُّ جَرْحٍ في طُفولتهم أو صِباهم ينمو في صمتٍ أولاً، ثم ينفجر مأساوياً في عُقَدٍ نفسيّةٍ، وليس مَن يتوقَّع عندما يكبَرون كيف تكون ردودُ فعْلهم تَجاه الأفراد حولهم، أو تِجاه مُحيطهم الأقرب أو مُجتمعهم الأبعد. وعلى عكس العاهة الجسدية، العاهةُ النفسية لا تظهر علاماتُها إلاّ عند تَمَظْهُرِها أفعالاً تنكشف منها ارتداداتُها حين تنقضُّ على ضحاياها، وكلُّ استدراكٍ عندها يكون متأخراً بلا جدوى.
حماية الأولاد ومُعاقبة المعتدين، مسؤوليةٌ مزدوجة: الحماية في إبقاء الانتباه والتنبُّه والتنبيه على مراقبة الأولاد ومن يقترب منهم ومن يُقاربُهُم ومن يقرّبُهُم. والمعاقبة في الإفشاء والإعلام والإخبار والإخطار درءاً لغدْر الأخطار فيُعتَقَلُ المعتدون ويُحاكَمُون.
إن اعتداءً على ولدٍ في طفولته ذات يوم، يرافقه طوال حياته عقْدةَ رُعبٍ مريرةً كلّ يوم.