هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

999: حملة تبرُّع لمعاشات النوّاب

الحلقة 999: حملة تبرُّع لمعاشات النواب
الأربعاء 8 حزيران 2011

وسْط الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية والسياسية والنفسية الضاغطة التي تجتاح المواطن اللبناني،
ومتابعتِه تصاريح سياسيي الوطن صُراخاً وشتائمَ وتَوتُّراتٍ وَوُعُوداً مَجّانية عقيمة،
طلع علينا بعض النواب بانزعاجهم من راتبهم الشهري
معتبرينَه هزيلاً وضئيلاً
وأقلَّ بكثيرٍ من الجهد الذي يصرفونه،
والتعب الذي يعانونه، والوقت الغالي الذي يُمضونه في تحسين شؤون المواطن.
لن نعلّق على هذا الكلام،
على قاعدة أن الرقم أبلغُ من الكلمة،
فالكلمة قد تحتمل تأويلاً أو مغالطةً أو مبالغة،
بينما الرقم حاسمٌ حازمٌ دامغٌ لا يَحتمل أيَّ تأويل. فماذا تقول الأرقام؟
القانون رقم 717 تاريخ 5/11/1998
حدَّدَ للنائب مُخصَّصاتٍ وتعويضاتٍ شهريةً
تبلغ ثمانيةَ ملايين ونصف مليون ليرة، تتوزّع كما يلي:
مُخصَّصات: 3 ملايين ليرة،
تعويضات تَمثيل: مليون ونصف مليون ليرة،
تعويضات سيارة وهاتف: مليون ونصف مليون ليرة،
تعويض تشريفات: مليون ليرة،
تعويض سائق ومرافق: مليون ونصف مليون ليرة،
يُضاف إليها مليونان ونصف مليون ليرة مساعدة اجتماعية
من صُندوق التعاضد أقرّتْها هيئة مكتب المجلس سنة 1994،
ما يجعل المجموع نحو 11 مليون ليرة لبنانية، تعادل أكثر من عشرين ضعفاً قيمة الحد الأدنى للأجور وهو 500 ألف ليرة.
وأكثرُ بعد:
يَحقّ لكل نائبٍ عنصران من أمن الدولة لحمايته الشخصية والعائلية (راتبهما يفوق مليونَي ليرة)،
ويحق له شراء سيارةٍ معفاةٍ من الرسوم الجمركية والضريبية والميكانيك والتسجيل وسائر الرسوم والضرائب المختلفة،
وفي قانون الموازنة العامة، ضمن موازنة وزارة الأشغال العامة والنقل،
بندٌ يتيح لكل نائب صرف مئة مليون ليرة يوزِّعها (بإشرافه) على مشروع أو أكثر،
وتقدّم شركة “ميدل إيست” لكل نائب حسم 50% على كل بطاقة طيران،
كما يحق لكل نائب مع جميع أفراد أُسرته الطبابة والاستشفاء مَجاناً في الدرجة الأُولى،
بموجب عقد موقَّع بين مجلس النواب وإحدى شركات التأمين الخاصة.
وختاماً، تكتمل الأفراح
بتقاضي النائب السابق 55% من المخصصات والتعويضات أعلاه إذا أمضى دورة نيابية واحدة،
و65% إذا أمضى دورتين،
و75% إذا أمضى ثلاث دورات وما فوق.
قلتُ إني لن أعلّق.
فهذه الأرقام أبلغ من أيّ تعليق.
لكنني أتساءل مع كل مواطن لبناني:
– ماذا عن هذه الأموال المتدفِّقة شهرياً لسعادة النائب بينما قَلَّ بين النواب من لا يزاول عملاً آخر أو يواصل أعماله السابقةَ نيابَتَه، في حين يُمنع على موظف الدولة تعاطي عمل آخر غير وظيفته، تحت طائلة العقوبة المسلكية؟
– وطالما النائب يواصل عمله المعتاد قبل النيابة، فلماذا لا يكون كعضو المجلس البلدي يقدِّم خدماته للشعب مجاناً؟
– وهل يظن أن خدماته تقتصر على حضور التعازي وإغداق الوعود لناخبيه؟
– وما هي “الدُّرر التشريعية” التي يأتيها معظمُ جهابذة التشريع في ساحة النجمة بمطالعاتهم القانونية،
هم الذين أَمضَوا أشهُراً طويلةً خارج مجلس نوابٍ مُقْفَل،
وهم الذين معظمُهُم لا يسمع بهم مواطنو منطقتهم إلاّ قبيل فترة الانتخابات،
أما بعدها فصمتُ أبي الهول واجتماعاتُ لِجانٍ قلّما تؤتي ثمارها كي يذوقها المواطن اللبناني.
لا لن نعلّق بالكلمات.
الأرقام أبلغ من الكلمات.
ومن يحسن قراءة الأرقام،
يجيب بنفسه عن انزعاج بعض “أصحاب السعادة” الذين
لا تمنعهم وطنيتُهم العالية من المطالبة بـِـ… زيادة رواتبهم.