هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

34: العميد أسعد مخول: الشعرة

الكلمة الأَحَبّ

ما الكلمة؟ مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟
للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.
كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامك إياها أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟
هذه السلسلة: “الكلمة الأَحَبّ”، أسئلةٌ نطرحها على المعنيّين بالكلمة كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و”لغات اللغة” انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.
بعد ثلاثة وثلاثين جواباً من وليد غلمية وعبدالله نعمان وإملي نصرالله وأمين ألبرت الريحاني وجوزف أبي ضاهر وسلوى السنيورة بعاصيري وجوزف جبرا وزهيدة درويش جبور ومي منسّى وهدى النعماني وغالب غانم ومحمد بعلبكي وهشام جارودي وألكسندر نجار وجورجيت جبارة وغازي قهوجي وسمير عطالله وإلهام كلاّب البساط وأنطوان مسرّة وفاديا كيوان وريمون جبارة وسلوى الخليل الأمين وندى عيد وهنري العويط ومنير أبو دبس وندى الحاج ونجوى نصر وهناء الصمدي نعمان ووردة زامل ونُهاد نوفل وكريستيان أُوسّي وفؤاد الترك وشوقي بزيع، هنا الجواب الرابع والثلاثون من العميد في الجيش اللبناني الأديب أسعد مخول.
هنري زغيب
email@henrizoghaib.com

__________________________________________
______________________________________________
_________________________________________________

34) العميد أسعد مخول: الشعرة
الأربعاء 23 شباط 2011

ما لم أُلزم نفسي بحصر الاهتمام في كلمة واحدة، فالاختيار يتشظّى بين الكلمات في سطر أو سطرين، في كتاب، في معجم، في أحاديث تطول.
الكلمة المفردة واحدة من جزئيّات الظّلّ لو توزّع الظّلّ على شظاياه.
وهي ورقة من شجرة لو فعلت الريح فعْلها في الأغصان.
وهي شعرة من تاج الحسناء لو مشطت سيّدتنا شعرها، وقست في مواجهة الخصل اللصيقة.
وفي التّجزئة، بل في الاستفراد والاستقواء والمحاصرة، نُضطرّ لأن نُعلن الكفاية من شعرة واحدة.
نقبض عليها مهتمين، باليد وبالعين، لَمساً ونظراً،
سواء في هذا العصر التحليلي الذي، من دراسة شعرة فيه مفردة، نعرف أسرار قبيلة بأكملها،
أو في عصر غابر كان فيه السّحر يعصف بامرأة مهيمنة آسرة فاتنة، تأسيساً على شعرة واحدة من غابة رأسها.
كان الاختبار يُبنى على شعرة من شارب رجل للتّأكّد من صدقه ومن وفائه.
الشّعرة نفسها نسحبها من العجين إن تسرّبت إليه، وفي القياس على سحبها يختفي إنسان من بين الجموع بكياسة ولباقة.
هي التي تَسِمُ الأخذ والرّدّ بين كائنين: يشدّها الأوّل ويوسّع لها الآخر ويعود الأوّل فيطلقها ويسحبها الآخر فلا تنقطع.
وهي الّتي تمرّ في ثقب الإبرة فننجح في امتحان النظر إن بانت لنا، ونخفق إن اختفت واضمحلّت.
وتسْوَدُّ دنيانا، آنذاك، غشاوة من انعدام المعرفة ومن ضعف اليقين.
وتتوالى الأيام، تزول، وتضمحلّ الذّكريات في ملعب الخيال.
الله، الله… كلّ شيء إلى زوال:
من الشّعرة إلى الخصلة إلى الرّأس إلى المشط والمقصّ إلى مصفّف الشّعر وإلى المدينة التي يَسكن بين جدرانها.
فاضلة كانت المدينة، أو ملعونة مسحورة!
___________________________________________
*) الأربعاء المقبل- الحلقة الخامسة والثلاثون: إيلي مارون خليل.