هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

972: … وللعدالة وجهٌ آخر

الحلقة 972: … وللعدالة وجهٌ آخَر
الأربعاء 5 كانون الثاني 2011

شهداءُ المآسي في الاسكندرية والفواجع في بغداد، ينتظرون ظهورَ العدالة.
وشهداءُ الاغتيال في لبنان، الغائبون منهم والأحياء، ينتظرون ظهورَ العدالة.
واللبنانيون جميعاً، بين تعطيل مجلس الوزراء والقلق من وصول مجلس النواب إلى التعطيل، ينتظرون هم أيضاً ظهورَ العدالة.
الناس، جميعُ الناس، ينتَظِرون العدالة وينْظُرون إليها ويتوقّعون منها خلاصاً من مآزقَ تضيق أكثر فأكثر على الأعناق.
غير أنّ لهذه العدالة المنتظَرَة وجهاً آخَرَ لا يتنبَّه له المنتظِرون، ولا ينتظِرُه المتوقّعون. إنه وجه المحبة.
والمحبة، في عمق جوهرها، قد لا تكون الوجه الآخر للعدالة، بل لعلّها وجهُها الأول، القائمُ على المساواة.
وهو هذا ما تقوم عليه عدالة الأنظمة السياسية.
فلا تطوُّرَ ولا نُمُواً ولا حياةً اجتماعيةً ولا دورةً اقتصادية، إن لم تَقُم في هذه الأنظمة عدالةٌ في الحقوق والواجبات، فيبلغَ كلَّ مواطنٍ حقُّه، ولا يعود عنده حائل في القيام بواجباته.
وكلُّ نظامٍ سياسيٍّ لا يقوم على هذا الميزان، يكون يدَّعي العدالة وهو لا يزاولها في شعبه فيكون ما يكون من مآسٍ وفواجع.
هكذا:
حيثُما تتوازى الحقوق والواجبات، يسود الوئام وتعُمّ المحبة وينتفي كل غُبْنٍ يؤدي إلى السلبيات.
إذاً:
إلغاء الغُبْن وَحَلُّ تردُّداته، يؤدِّيان إلى إحلال العدالة التي توصل الأمان إلى كل مواطن، فتُلغى الحدود والفواصل والفوارق الاجتماعية والمناطقية والفردية وتصبح المحبة نتيجةً تلقائيةً لهذا المجتمع الذي لا غبْنَ فيه ولا مستويات في التعامل.
لا يمكن أن يسود السلام في مجتمع يقوم على الحقد والكراهية وتغييب العدالة ولَيِّ ذراع الحقيقة وَفق اعتبارات شخصية وتخريجات فردية وحُجج شخصانية، لأنّ هذا التصرف يلغي كلّ عدل وينفي كلّ محبة.
وحدها المحبة، حين تسود العدالة، تَختصر المسافات، وتُقَصِّر الطريقَ إلى الحوار، إلى اللقاء، إلى العدالة، إلى السلام.
لا يسود الأمان في مجتمع، بعضُ أفراده يُضمرون لبعضهم الآخَر مشاعر حقدٍ وكراهيةٍ وغضبٍ وحسدٍ ونقمةٍ وثأْرٍ وانتقامٍ وعصبيّاتٍ حاقدةٍ وظَلاميّات قاتلة وأُصوليات لا علاقة لها بالدين.
ولا يتحَجَّجَنّ بالدين مَن يتصرّف خارج تعاليم الدين.
لن تدخل العدالة إلى مجتمعٍ لا تكون فيه المساواة بين الحقوق والواجبات أولويةً لهذه العدالة.
هكذا تتصدّر أولوية المحبة في النفوس لبلوغ العدالة في النصوص.
ومن دون هذه الأولوية الطالعة من المساواة، لا تقوم عدالة،
بل تبقى سائدةً شريعةُ الغاب، مهما تقنَّع البعض، أو تَحَجَّج بِـرُضوخه… لقرار العدالة.