هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

955: (EUREKA) أوريكا… أوريكا

الحلقة 955: (EUREKA) أوريكا… أوريكا
الأحد 7 تشرين الثاني 2010

في التحديد العلمي أن “اليراعة ذُبابةٌ صغيرةٌ تطير في الليل كأنها نقطةُ نار”. تسمى أيضاً “حشرة النار” وتُسمّى “الحُباحب” ويسمّيها العامة “البصبوص”. وهي حشرةٌ ليلية تعيش في بيئة مائية خضراء نظيفة، لها أربعة أجنحة، وجسمٌ ضئيلٌ رخوٌ لا يتجاوز طوله بين 5 ملم و25 ملم يبُثُّ ضوءاً متقطّعاً أو متواصلاً، إما لحوارٍ في ما بينها، أو لأهداف اتصال وتفاهم. وعلى عكس النور الحارّ الصادر عن لمبة كهربائية، نورُ اليراعات باردٌ لا حرارةَ فيه، لكنه يطول ولا ينطفئُ سريعاً.
لماذا كل هذا الشرح؟ ولماذا هذا الموضوع اليوم؟
لأن معظم جهابذتنا في الحكم، منذ أكثرَ من ربع قرن، لم يتوصَّلوا بعدُ الى حلول للكهرباء التي كلّما تقادمَ بنا العمر خفَّت خدمتُها وزادت ساعاتُ تقنينها، وهُم يعلِّلوننا بعودة التيار الكهربائي ويؤجّلوننا من حكومةٍ الى حكومة، من عهدٍ الى عهد، من مُخَطَّطٍ الى مُخَطَّط، بين مولِّدات وبواخر وطاقة غاز وشراء طاقة من دول مُجاورة أو غير مُجاورة أو صديقة أو مانحة، ويختلفون على المناقصات ودفاتر الشروط وعقد الصفقات. ولأن في لبنان مواطنين ومناطق خارج واجبات المواطن للدولة، فالمواطنون الباقون ينتظرون وُعود الدولة، ويصدّقون، ويدفعون فاتورة كهرباء الدولة، على شَحِّ ما تضيء لهم الدولة، ويدفعون فاتورة المولّد في الحي، على سَلْخِ ما فيها لكنهم يَحتملونها لأنه لا بُدَّ منها.
في مختبرات العلم أنّ لدى الكائن الحيّ قدرةً على بَثّ الضوء تُؤخذ من الكُرَيّات النابضة في جسمه. فماذا لو أمَّنَت وزارة الزراعة عندنا واحاتٍ نظيفةً -بيئةً وخضرةً-، وأطلقَت دولتُنا نداءً الى علماء العالم تطلب إليهم أن يأخذوا سرّ هذا النور البارد المشعّ من اليراعات ويطبّقوه على الإشعاع الصادر عن أدمغة بعض جهابذتنا وذكائهم المشع فيتحوّل نورُ عبقريتهم الفذّة الى تيارٍ كهربائي باردٍ طويلِ الأمد، ينير بيوتنا وشوارعنا، فيُنار لبنان بسرّ اليراعة من كُرَيّات أجسام معظم جهابذتنا الذين يعلّلوننا منذ ربع قرنٍ بعودة الكهرباء، وما زلنا ننتظر منذ ربع قرن، ونصدِّق منذ ربع قرن.
هكذا نُثبت للتاريخ أنّ في العالم حشراتٍ مائيةً مشعّةً، وأنّ عندنا كائناتٍ بشريةً مُشعّةً نتفرَّد بها، من كرياتها الحية نَستَولد الكهرباء على طريقة اليراعات.
وعندها نستعير صرخة أرخميدس “أوريكا… أوريكا” (“وجدتُها، وجَدْتُها”) فيلتفت إلينا العالَم ليجدَ أننا وجدنــاهُ… فعلاً وجدناهُ: … سرَّ الكهرباء التي عندئذٍ تضيء في بيوتنا… خمساً وعشرين ساعةً في اليوم