هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

11: غالب غانم: الحرية

الكلمة الأَحَبّ
ما الكلمة؟ مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟
للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.
كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامها لديك أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟
هذه السلسلة: “الكلمة الأَحَبّ”، أسئلةٌ نطرحها على المعنيّين بالكلمة كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و”لغات اللغة” انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.
بعد عشرة أجوبة من وليد غلمية وعبدالله نعمان وإملي نصرالله وأمين ألبرت الريحاني وجوزف أبي ضاهر وسلوى السنيورة بعاصيري وجوزف جبرا وزهيدة درويش جبور ومي منسى وهدى النعماني، هنا الجواب الحادي العاشر من رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور غالب غانم. هنري زغيب
email@henrizoghaib.com

_________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________

11) غالب غانم: الحرية
الأربعاء 18 آب 2010

تَمَتَّعتُ بشميمِها الأوّل في الريف العالي منذ تفتَّحَت عينايَ على حركة الحياة العفوية، وعلى الخطوط الحُرة التي تسلكها طيور السماء، وعلى الدروب التي تصل المرتفَع بالمنحدَر والمأهول بالخالي، بلا تخطيط ولا تحديد.
ذكَّرَتْني بالأجداد ومعاقلهم، بالعشّاق ومعازلهم، بالشعراء وتطوافهم في مدائن الخيال، بالمغامرين الذين يحملون أقدارهم على أكتافهم، بالعُصاة في وجه العُتاة، وبالأبواب المفتوحة والعقول المنوَّرة.
ملأَتْ قلبي غبطة . شقَّت طريقيَ في الوعر. رافقَت ظلّي كملاك حارس، وأحياناً كمُحاربٍ شرس لا يرضى الاعتداء على حقول أحلامي.
علمَتْني أماثيلَ وأماثيل: أن أَعبُرَ من ذاتي الى الآخَر ليتلاقى الطريقان في نقطةٍ تسمى الانفتاح. أَن أذهب مستقلاً الى اكتشاف الحقائق، لا غِلَّ في يَدَيّ، ولا ثقْل على كاهلي، حتى لا أضلّ طريق العدل. أَلاّ أقعَ في المغالاة والمباهاة والاحتكار والادّعاء والفوضى.
فتحَت أمامي سبُلَ القلق والطمأنينة، والحيرة والقرار، والإِحجام والإِقدام، والشكّ واليقين.
قلتُ فيها ما لم يقُلْهُ مالكٌ في الخمرة، والعشاقُ المجانين في الحب:
“الحريةُ هي الجناحان، وهي الطريقُ الى نجمة الليل والى جوهرة الأعماق.
لا ثورةَ فطريةً بلا حرية. لا يقظةَ إنسانيةً بلا حرية. لا كلمةَ مُجنَّحةً بلا حرية.
الحريةُ بابٌ الى الراسخ، والى المطْلق، والى الخالد.
الحريةُ تفكُّكُ سلاسِل، وطوفان روحٍ على النص وعلى الجسد”.
___________________________________________
*) الأربعاء المقبل- الحلقة الثانية عشرة: النقيب محمد البعلبكي.