هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

902: يا أصحاب الأكتاف العريضة

الحلقة 902: يا أصحاب الأَكتاف العريضة
الأربعاء 4 أيار 2010

مع انتهاء المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (في جبل لبنان) نذهب أبعدَ من نتائجها كي يتفكَّر بها المنتخِب والمنتخَب معاً.
نتائجُ هذه الانتخابات أحدُ تأثيرين: السياسي (حزبياً أو فئوياً أو اصطفافياً) والعائلي (مناطقياً أو أَحيائياً أو وراثياً أو عشائرياً). وعَكَسَ الإعلام هذين التأثيرَين معاً، فلم يذكر لائحة إلا وقالَها “مدعومةً” من حزب أو قوى أو سياسيّ أو تيار أو تَحالف أو تَجمُّع أو كُتلة أو عائلات مَحلية، كأنها انتخابات نيابية سياسية على مستوى البنية الفوقية والسلطة السياسية، فيما يُفتَرَض أن تكون أوَّلاً إنمائية: على مستوى القاعدة الشعبية والحاجات المحلية. هكذا يَجب أن تكونَ إن أردناها طريقاً نحو اللامركزية الإدارية.
الشأْنُ البلدي أساساً عملٌ إنمائيّ وخدمةٌ عامة يتطوّع لها مَن يُعطون من وقتهم لوقت البلدة، ومن مصالحهم الخاصة لِمصلحتها العامة، من أجل إنْمائِها وتطويرِها بلدةً عصريةً تَحضُن أبناءَها وسكانَها برفاه الحياة. لكنّ هذا الإنْماء لا يقوم فقط بِحملات قبيل موعد الانتخاب في صُوَرٍ تَحمل أكتافاً عريضة وابتساماتٍ عريضة، ولا في شعارات ويافطات وإعلانات وكيديات وتَهديدات بفتح ملفّات، بل يكون، في كل بساطة، بتقديم خطوط عريضة لِمَشاريع عَمَلانية ذات برامج مُمَرحَلَة ومدروسة تُتَرجَم ميدانياً على الأرض فتحقّق مستوىً للبلدةِ أرفعَ اليوم مِمّا كانت عليه أمس، وبالتخطيط لِمستواها أفضل غداً مِمّا هي عليه اليوم.
“لا للسياسة نعم للإنماء”، يجب أن يكون شعار كل بلدة وبلدية، شرط أن يبدأ هذا الإنماء من الإطار الضيق (تزفيت طريق، تَحسين شبكة صرف صحي، تأمين أرصفة ومستديرات وحدائق عامة وتنفيذ تَخطيط مُدُني وفرض نظام لوجستي داخل البلدة،…)، الى إطار أوسع (أنشطة ثقافية واجتماعية، پروتوكولات تعاون، برامج تنمية مع مؤسسات ومنظّمات محلية ودولية لتحسين الأداء وتنفيذ أفضل المطلوب) وصولاً الى اتفاقات توأمة مع مدن عالمية كبرى (تؤمِّن للبلدة نهضةً ثقافية واجتماعية وسياحية وصحية وتربوية).
ومتى أثبَتَ الإنماء جدواه في البلدة، لا يعود في حاجة الى حملة انتخابية “شعاراتية”، بل يتهافت السياسيون على تبنّيه، بينما حيثُ الإنْماء مشلول أو ضعيف يتهافت السياسيون على بسط شعاراتهم واعدين بالإنماء وضمناً يعملون لزبائنهم وأزلامهم والمحاسيب.
البلدية خليَّةُ الوطن الأولى. فلْنجعل هذه الخليّة وطناً صغيراً في كل بلدة، وليتّسع الإنماء من بيتٍ الى بيت، ومن حيٍّ الى حي، ومن بلدة الى بلدة، ومن مدينة الى مدينة، حتى يزهر الوطن الكبير إنْماءً يَجعله وطناً نَموذجياً ينهض به أبناؤه تنموياً، متطوِّعين في سبيل رفاه المواطن اللبناني الذي ينطلق صباحاً من هذه الخليّة الأُولى (بلدته وبلديَّته) وإليها يعود عندما يأتي المساء.