هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

887: ليس أمام القانون رئيسٌ أو وزير

الحلقة 887: ليس أمام القانون رئيسٌ أو وزير
الأربعاء 10 آذار 2010

كانت ساعةً بيضاء حين أنشأ الرئيس فؤاد شهاب “ديوان المحاسبة” للتدقيق الحازم في المحاسبة والمتابعة والاقتصاص. وكانت كذلك ساعةً بيضاء عند صدور قانون محاكمة الرؤساء والوزراء. ولكنّ النظري أمرٌ (على استحسانه وضرورته) والعمليّ التطبيقيّ أمرٌ آخَر (على تَمييعه ومُخالفته وتَجَاوُزه).
فليس القانون أَسطراً في صفحات كتاب، بل هيبةٌ تتسلّح بها الدولة لتفرض حضورها ووجودها وحزمها وحسمها الجازم.
في هذا الإطار، بلغتْنا أنباءُ من القاهرة، الأسبوع الماضي، عن مطالبة نوابٍ في مجلس الشعب رئيسَ مجلس الشعب بالتحقيق في مخالفة ارتكبها وزير البيئة “باستخدام أفخم 14 سيارة من سيارات الوزارة ووضعها في تصرف مطربة شابة تزور القاهرة مع عائلتها وشُلّةٍ من أصدقائها”، واعتبر النوّاب المعترضون أنّ “مستلزمات تلك السيارات من بنزين وصيانة وسائقين هي من مال الوزارة، أي من المال العام الذي أساء استخدامَه الوزير”.
وفي هذا الإطار أيضاً بلغتْنا أنباءُ من عمّان، الأسبوع الماضي كذلك، عن قرار محكمة الدولة العليا بإلغاء قرارٍ للمدعي العام في عمّان، كان أصدره في الإفراج بكفالةٍ مالية عن وزيرٍ سابق للمالية، ومعه ثلاثةٌ آخَرون: الرئيس السابق لمجلس إدارة شركة مصفاة البترول، والرئيس التنفيذي السابق لتلك الشركة، والمستشار الاقتصادي الخاص لرئيس الوزراء. وبموجب قرار محكمة الدولة العليا عاد الأربعة الى السجن في انتظار المحاكمة بتهمة “اختلاس المال العام واستثمار الوظيفة العامة وقبض الرُّشوة لتمرير معاملات غير قانونية لصالح رجل أعمال كي يظفر بالعقد من الدولة لتحديث مصفاة البترول”. وعن وكالة “بترا” التي نشرت الخبر أنّ العقوبة، في حال إدانتهم، تصل الى السجن ثلاث سنوات.
هذه الحالة الوزارية تأخذنا الى حالة رئاسية في الولايات المتحدة حين أطاحت فضيحةُ ووترغيت ولاية الرئيس ريتشارد نيكسون، وفضيحةُ مونيكا لوينسكي سمعة الرئيس بيل كلنتون.
هذا لنقول أنْ ليس أمام القانون رئيس أو وزير أو نائب أو مسؤول، فليس أمام القانون منصب يتحصّن به مسؤول، ولا حصانة لِمن يغتصب المال العام أو الحق العام أو الشأْن العام.
ولذا قلتُ في مطلع حديثي إن “قانون محاكمة الرؤساء والوزراء” عندنا مهمٌّ جداً نظرياً للتغني بديمقراطية نظامنا، لكنما المهم تطبيقه فلا يعود مسؤول يتلطّى بحصانته، ولا يعود يغطّي مَحاسيبه والأزلام بِمخالفات تَجعلهم في منأى عن المحاسبة. فعندما يطال القانونُ الرؤساء والوزراء وكبار المسؤولين، يرتعد المحاسيب والأزلام من طاعة أسيادهم في المخالفات، لعلْمهم عندئذٍ أنّ أسيادهم المخالفين يدخلون قبلهم… الى السجن.