هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

867: “مِهَنٌ خضراء” للُبنان الأخضر

الحلقة 867: “مِـهَـنٌ خَضراء” لـلُبنان الأخضر
الأحـد 20 كانون الأول 2009

يتداول العالم اليوم ما يسمّى بـ”المهن الخضراء”، تلك التي تُناسب البيئة ولا تُؤْذي المناخ، وتالياً تُنقِذ سكّان هذا الكوكب من أخطار تتهدَّده يوماً بعد يوم. وهي مهَنٌ تتمحور حول أعمالٍ صديقةِ الطبيعة، تُسهم في إنقاذ المحيط الجغرافي من كوارث تترصّده بين انبعاثات ونفايات سامة مؤْذية وتَصَحُّر متزايد. واجتماع قادة الدول في كوبنهاغن (انتهى الجمعة، أول من أمس) كان لوضع ستراتيجيات تَحمي الإنسان والأرض والهواء والمناخ والنبات، وتَحمي الحياة مستقبلاً على هذا الكوكب.
لذا ظهرت شركات ومؤسسات تعهَّدت “المهن الخضراء” التي تطبِّق ستراتيجيات خبراء الدول لتخفيف التلوُّث وأخطار البيئة، منها تمديدات الكهرباء والتهوئة والتدفئة والأبنية وَفْقَ مواصفات دقيقة لا استرجاعاتٍ لها ارتداديةً مؤذية، ومنها أشغالٌ دائمة لحماية الطبيعة والغابات والمياه والأنهار مع إرشادات خاصة الى المواطنين لحفظ الطاقة وتوفيرها والاقتصاد بها، الى مهن أخرى في حقل الزراعة تُسهم في تطوير القطاع ومنْتَجاته، مع ما يستتبع ذلك من إمكانات كبرى لفرص عمل متاحة أمام المواطنين.
هكذا تتكاثر في العالم شعاراتٌ من طراز “كيف نعيش أخضر”، أو “نُحِبّ المهن الخضراء”، وتنتشر نوادٍ وجمعياتٌ لـ”أصدقاء الطبيعة”، وتصدر قوانينُ وأنظمة لحماية الطبيعة، يمكن لبنان أن يكونَ فيها ومنها ويطوّرَها ويؤقْلِمَها لشعبنا وطبيعتنا.
من هنا نتوجَّه الى إعلامِنا العام، صحافةً وإذاعاتٍ وتلڤزيوناتٍ ونواديَ وهيئاتٍ مدنيةً وبيئية، لنشر حملات توعية على “المهن الخضراء” وانفتاح فرص العمل فيها، ونتوجَّه الى الجامعات في لبنان لتركِّز على هذا الأمر الحيوي الرئيسي في حياة المواطنين، فلا ينفع أن نتغنّى بِجمال طبيعةِ لبنان وطبيعتُه الى تَصَحُّرٍ وتبَشُّع، ولا ينفعنا أن نغنّي للبنانَ الأخضر والأرزةِ الخضراء حين كلُّ ما حولَنا يهدّدُ اخضرارَ لبنان ويطالُ أرزتَه التسوُّس.
إنّ على شبكة الإنترنت مواقعَ إلكترونيةً كثيرة تحت أسماء متعدِّدة أبرزُها (Green Jobs) حول المهن الخضراء والأشغال الخضراء والوظائف الخضراء والمجلات المتخصِّصة والكتب الاختصاصية، جميعها قيّمة ومفيدة ورصينة، وترشد الى فرص عمل جديدة، والى توجيهات مبسَّطة للمواطنين، معظمُها يمكن تطبيقه والعمل عليه في لبنان.
فَلْيَعُدِ المسؤولون والمعنيون عندنا الى هذه المواقع، وليكتشفوا كم وافرةٌ هي الفرصُ المتاحةُ لـ”المِهَن الخضراء” في غابات لبنان وطبيعة لبنان وأحياء لبنان وزراعة لبنان وبيئة لبنان. قد لا يجدها الكثيرون مِهَناً تقليدية سائدة ومعروفة، لكننا، إن أردنا للبنان الأخضر أن يظلّ أخضَر ولا يتصحّر، علينا الدخولُ في غير التقليديّ من مِهَن الأمس، واقتبالُنا لليوم وللغد مهَناً خضراءَ تُبقينا على خارطة العالم الخضراء، وتُبقي لبنانَ أخضر لا في الأغاني بل على أرضه، ولا في المقالات والكتُب بل في طبيعته الفريدة الرائعة.