هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

858: السيّدات أوّلاً

الحلقة 858: السيّدات أولاً
الأربعاء 18 تشرين الثاني 2009

مع وصول سيدتين الى المقاعد الحكومية في الوزارة الجديدة، وسيدة الى رئاسة نقابة المحامين في بيروت، يجمل الكلام اليوم على المرأة اللبنانية وما يتوجب علينا تِجاهها بعد.
السائد پروتوكولياً وسُلوكياً تصرُّفُ “السيدات أولاً” (Ladies First) في كل مناسبة وموضع. وهذه بادرة فيها الكثير من الفروسية والاحترام، آتيةٌ إلينا من أيام النظام الملكي حين كان الجميع يَنحنُون للسيّدات ويُقَبِّلون أيديهنّ ويُخْلون لَهُنّ الأماكن والمقاعد.
وتستمرّ هذه العادةُ السُّلوكيةُ النبيلةُ حتى اليوم في احترام المرأة، بفتح الباب لها، سيارةً أو بيتاً أو مكتباً، وبإعطائها أولوية العبور سائرةً أو سائقة، وبالوقوف لها حين تقف، الى سائر البوادر الاحترامية تجاه الأولوية للمرأة في جميع الحالات الاجتماعية.
وفي تعليمات الطيران إعطاءُ الأولوية للمرأة والأطفال دخولاً الى الطائرة أو خروجاً منها، أو عمليات الإنقاذ في حالات الخطر. وفي الولايات المتحدة مواقع إلكترونية مُخصَّصة للمرأة، أحدُها عنوانه “للسيّدات أولاً”، وجميعها ذات أولويةٍ الى المرأة توجيهاتٍ صحيةً وطبيةً ونفسيةً واجتماعية وتربوية وتعليمية، مع إرشادات للاهتمام بصحتها في جميع الحالات النسائية.
هذه الأولوية التي كانت في الماضي حافزاً اجتماعياً باتت اليوم في الواجهة والصدارة والحياة اليومية وباتت لها برامج خاصة للتدرُّب والتهيئة والتحضير والتربية والتعليم، وباتت تعطى القروض الميسّرة الخاصة بها، ومؤخراً بات لها في لبنان حقُّ فتح حساب مصرفي لأولادها. وفي البلدان السكندينافية لم تعُد الجندرة موجودة، بل تساوت المرأة مع الرجل في جميع القطاعات، تبلغ إليها المرأة كما يبلغها الرجل، لا تفريق ولا تمييز ولا انحياز ذكورياً، وما عادت المرأة هناك هي الجنس الأضعف.
فهل كانت جميع تلك الپروتوكولات الفروسية لاعتبار المجتمعات المرأةَ هي الجنس الأضعف؟ هل لاعتبار رجال تلك المجتمعات أنّ المراة كائنٌ ضعيف، وتالياً تلزمها بوادرُ فيها أحياناً بعض الشفقة أكثر ما فيها من الاحترام؟
عندنا في لبنان، حيث لا يزال بعض المجتمع يرزح تحت منطق العشيرة والقبيلة والسطوة البطريركية الذكورية الأبوية، هل عندنا خطةٌ واضحة لأولويات المرأة؟ وهل يتعامل المجتمع اللبناني مع النساء سواسيةً كتعامله مع الرجال؟ وهل عندنا دائماً منطقُ إشراكها في البرامج الموضوعة والمنفَّذة والمرشَّحة للوضع والتنفيذ؟ وهل للمرأة عندنا استقلاليَّتُها التامة في القرار والمبادرة؟
ماذا وراء احترام المرأة: هل هو احترامُ الرجل ذاتَهُ أم انها فروسية بحتة؟ وهل نتعامل مع المرأة الأم والمرأة الزوجة والمرأة الشقيقة والمرأة الحبيبة، في سواسيةٍ من التقدير لها، والثقة بها، والركون إليها، والإيمان في أنها قادرةٌ مستقلّةٌ ذاتُ كيانٍ خاص قادر ومستقلّ؟
علامة التطوُر في المجتمع، أن تكون المرأة نصفَه الآخر.
ولربما، في مواضع غير قليلة، هي – بكل جدارةٍ- نصفُهُ الأول.