هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

831: الموسيقى الكلاسيكية… بدءاً من الصغار

الحلقة 831: الموسيقى الكلاسيكية… بدءاً من الصغار
الأحـد 16 آب 2009

الطفل الذي اعتاد أن يصغي إلى الموسيقى الكلاسيكية وهو يأكل ويلعب ويتابع قصةً يقرأُها له والده، ويشيح عن مهاتفة جدّته حين يُصغي إلى مقطوعته الكلاسيكية المفضّلة، لن يكبَر كأترابه الذين لا ينشأُون على سماع الموسيقى.
فعن دراسة للباحثَين الأميركيَّيْن فرنسيس رُوشِر وغوردون شُو (صدرَت سنة 1993 لدى جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس) أن تلامذةً صغاراً أظهروا، بين أولِ السنة المدرسية وآخرِها، تَحَسُّناً جليّاً ملموساً في تَلَقّيهم المعلومة بعدما أمضوا تلك السنة يُصغون ساعاتٍ إلى الموسيقى الكلاسيكية في الصف وفي الملعب وقاعات الطعام. وحثّت الدراسة أولياء التلامذة على إدخال الموسيقى الكلاسيكية في حياةِ الصغار وتربيتِهم ونشأتِهم ومراحلِ نُموّهم في البيت والمدرسة.
وفي الدراسة أيضاً أنّ الخلفية الموسيقية تنمّي ذاكرة الصغار من دون أن يقوموا بأيِّ جهد سوى العيش في جو أعمال كلاسيكية خالدة تصقل لديهم أيضاً مزاجهم وقدرة استيعابهم، ولربما تضعهم منذ طفولتهم على طريق الإبداع الموسيقي. ويستشهد الباحثان بكون موزار بدأ رحلته مع الموسيقى وهو في الرابعة، ومندلسون كتب مقطوعته الأولى وهو في الحادية عشرة، وشوبان بدأت كونشرتُوَاته تنتشر في الناس وهو دون العشرين.
واقترح الباحثان خمس طرق لإدخال الموسيقى الكلاسيكية إلى الصغار:
1) إسماعُهم إياها فيما أحد الوالدين يقرأ لهم قصة، والأفضل إعادةُ المقطوعة نفسِها كلما أعيدت قراءةُ القصة نفسِها،
2) تشجيعُهم على الرقص فيما يُصغون إلى مقطوعةٍ كلاسيكية، كي ترتبط ذاكرتُهم السمعية بِحركة جسدهم،
3) تعويدُهم على سماع الموسيقى الكلاسيكية خلال لَهْوِهم بألعابِهم الخاصة أياً تكن وسائل هذه الألعاب،
4) مرافقةُ الموسيقى الكلاسيكية وقتَهم بالرسم أو الكولاّج أو التصوير أو التلوين وأن يرسموا ما توحي لهم الموسيقى،
5) جَعْلُ المؤلِّفين الكلاسيكيين مادةَ لعبِهم كَأَنْ يَحزَرُوا مَن هو المؤلّف، وما هي المقطوعة، وما قصة تأليفها، ومتى.
هذه الدراسة ومثيلاتُها مهمّةٌ حول تنشئة الصغار على الموسيقى الكلاسيكية.
إنّ في جيلنا الجديد بذورَ إبداعٍ وعبقريةٍ لا تَخلُقُها الموسيقى لكنّها تسهّل تَفَتُّحَها باكراً على الحياة.
فَلْنُحْسِنْ إِدخالَ الموسيقى الكلاسيكية إلى صغارنا، إنّ لنا فيهم وُرُوداً تَتَفَتَّحُ غداً إلى وطنٍ متصالح على السلام والصدق واحترام السوى، وهو ما تُقيمه الموسيقى الكلاسيكية، منذ طفولتِهم، طبيعةً ثانيةً في مواطنيّتهم الصالحة بانتمائهم إلى وطنٍ راقٍ يستاهلُ أن يكونَه لبنان.