هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

828: الإعاقة الحقيقية هي في النفسيات

الحلقة 828 : الإعاقة الحقيقية هي في النفسيات
الأربعاء 5 آب 2009

لو لم نكن عارفين مُسْبَقاً أنَّهم ذوو حاجات خاصة لَما أدركنا أنَّهم معوَّقون ينفِّذون عَرْضاً صينياً دقيق الأداء في افتتاح ليالي مهرجانات البترون مساء السبت الماضي. متأَنّي التفاصيل كانوا، وهُم يؤدّون مشاهدهم في حركاتٍ متناسقة متتالية، هم البكْمُ الصُّمُّ، ومع ذلك نَسَجوا العرض في تشكيلٍ متَّسق (أحدُهم كان بلا ذراعين والآخر بلا عينين مبصِرَتَين) والعرض متمَّمٌ على أفضل حال، وإن بدَت مشاهدُ منه ميكانيكيةَ الأداء من دون شعور انفعالي بالخطوة المرسومة، سوى مُحافظتها على الآليّة المطلوبة.
هذا لنقول إن الإعاقة قد تكون، في ذاتِها، مدخلاً إلى تَخطّيها بتجاوُز مُعوِّقاتِها النفسية والجسدية، وهو ما يذكِّرنا بفيلم “أبناءُ إلهٍ أَقَلّ” وفيه الممثلة الرئيسة مارلي ماتْلِن هي نفسُها صمّاءُ حقيقيةٌ توصَّلت إلى نيل جائزة الأوسكار كأفضل مُمثلة في هذا الفيلم عام 1986، عن دورها كمعلمةٍ بكماءَ صمَّاء شَجَّعها على تعلُّم النطق مدرّسٌ زميلٌ راح يلقّنها لغة الإشارات فأتقَنَتْها حتى برَعت في أرقى اللغات: لغة الحب الذي جمعها بذاك المدرِّس فكان حبُّها حافزاً لها على تَخطي إعاقتها.
الحب !!! نعم. هذه القوّة العظمى في الحياة، هي التي تغيِّر الإنسان فتدفعُه إلى تَخطّي كلّ إعاقة في العمر، بلوغاً إلى تَحقيق عمرٍ أجمل وحياةٍ أفضل وأيامٍ سعيدةٍ يَمحو الحب فيها كلَّ مأساةٍ وكلَّ ألَم. فالتعلُّمُ الحثيث والانضباطُ الجِدّيّ والإرادة القوية، ثالوث يَجعل المعوَّق يتخطّى إعاقته، حتى ليبقى في الأصحاء أنفسِهم معوَّقو النفوس المريضة والإرادات الخاملة والطموحات الميتة. وما نتعامل معه في الحياة على أنه “تَحصيل حاصل”، مثل السمع أو النظر، ليس أبداً “تَحصيلاً حاصلاً” لأنّ الأساس ليس أن يكونَ فينا بل أن نُحسنَ استخدامَه.