هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

819: حين تبادر الدبلوماسية الأجنبية إلى تنظيف شاطئنا

الحلقة 819: حين تبادر الدبلوماسية الأجنبية إلى تنظيف شاطئنا
الأحـد 5 تـمُّوز 2009

طالعتْنا الصحف، أمس السبت، بأنّ سفير سويسرا في لبنان فرنسوا باراس ساهم، مع سفراء الدنمارك وأستراليا والنمسا وتشيكيا، ونَحوِ ألف متطوّع لبناني في حملة نظافة لشاطئ صور الجنوبي ومَحميّتها.
في البداية قال السفير السويسري إنّ “الاتفاقية بين اتحاد بلديات صور والسفارة ووكالة التنمية السويسرية، هي تكريم للعلاقة التاريخية بين صور وأرض لبنان وبين أوروبا منذ أكثر من2500 عام”.
بعدها انطلق المتطوعون في تنظيف الشاطئ الممتدّ من استراحة صور شمالاً حتى مشارف رأس العين جنوباً.
هكذا إذاً ؟؟؟؟ هكذا؟؟؟ ننتظر البعثات الأجنبية في لبنان تُطلق حملاتٍ لِحماية بَحرنا وشاطئنا وطبيعة بلادنا وبيئة لبنان، بينما معظم سياسيّينا مُتَلَهُّون أو منهمكون أو ضالعون في إهمال بَحرِنا وشاطئِنا وطبيعتِنا وبيئتِنا وانشغالِهم بأمورهم الخاصة وحقائبِهم الموعودة ومقاعدهم النيابية ومشاحناتهم السياسية، غارقين في الـ”أنا” الدونكيشوتية التي تصدعهم وتصدع الوطن، موغِلين في التجاذب الذي يوصل إلى مصالحهم هُم، لا إلى مصلحة الوطن العليا !!!
شكراً لكل بعثة أجنبية وكل مبادرة أجنبية تضع في خدمة لبنان واللبنانيين خبراتٍ ومساعداتٍ إنمائيةً وثقافيةً وحضاريةً، ولكن أين سياسيونا نَحن في أخذ مبادرات مَحلية ذات صلة بالثقافة والحضارة؟
هل سمعنا سياسياً لبنانياً واحداً يقتطع من راتبه مبلغاً لتشجير مساحة مَحروقة؟ أو لِحملة رفع النّفايات عن الطرقات والمعابر والنواصي في منطقته هو على الأقل؟ أو لشراء مولّد كهرباء في مُحيطه، ونَحن على مدخل صيف واعدٍ بِـمليونين من السيَّاح؟
هل نترك السفراء الأجانب يبادرون عنا، ولا سياسيين عندنا يقومون بمبادرات إنمائية فاعلة على الأرض، في مناطقهم على الأقل، فلا تقتصر أعمالُهم على خدمات خاصة بأهلهم وأقربائهم ومَحاسيبهم وجَماعاتِهم؟
ماذا يهمُّ سفير سويسرا من شاطئ صور لولا وعيُهُ أهمية صور في التاريخ؟
ولماذا يشارك في الحملة متطوّعون من صور والجنوب وبيروت وجبل لبنان ولم نر في الصورة سياسياً واحداً يشارك في هذه الحملة الحضارية؟
العمل السياسي جُزءٌ منه الإنْماء لِخدمة شعب لبنان لا لِخدمة أبناء منطقة هذا النائب أو ذاك الوزير أو ذلك المسؤول. والخطورة ليست في إهمالِهم طبيعتَنا وبيئتَنا بل أكثر: في توسيخ الوطن بتصرفاتٍ غير وطنية، وحملاتٍ سياسية وانتخابية وحكومية تُقسّم أبناء لبنان وتشوّه صورته في الخارج حين يبدو السياسيون عاجزين عن الاتفاق على قيادة لبنان إلى مصير لبناني لبناني.
وما هكذا صورة لبنانَ الناصعِ الصفحة في التاريخ، هو المتصدِّرُ، في مَجده الطويل، جبينَ الصفحات الأُولى من كتاب التاريخ.