هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

813: بعد 7 حزيران… عودوا إلى بيوتكم وعائلاتكم!!!

الحلقة 813 : بعد 7 حزيران… عودوا إلى بيوتكم وعائلاتكم !!!
الأحد 14 حزيران 2009

قبل أيام صدر في مَجلة “سلايت” (Slate) الإلكترونية تَحقيقٌ بعنوان “حين يصبح الرجال عاطلين عن العمل، هل يصبحون فاعلين أكثر في المنْزل”؟ كتبتْه إملي برازلُن، كبيرة محرري هذه المجلة النيويوركية الإلكترونية الشهيرة.
طرحَت الكاتبة موضوع فقدانِ الزوج مهنتَه أو وظيفتَه أو صنعتَه، فيما زوجتُه لا تزال تعمل: هل يتولى مكانها الأعمالَ المنْزلية؟ والى أيّ حدٍّ ينجحُ في ذلك أو لَهُ رغبةٌ فيه؟ والى أيّ حدٍّ يؤثّر ذلك على مِزاج الرَّجل وطبْعه وأَعصابه، ويُبقِي على جوِّ البيت هادئاً في غياب زوجةٍ لا تزال تواصل عملَها خارج البيت؟
ركّزت الكاتبة على الوضع الاقتصادي الصعب الذي، عند فقدان الرجل عمَلَه، يُرغِم الزوجةَ على مواصلة العمل إنقاذاً لوقوع الأُسْرة في العوَز، ما يَجعل الرجلَ في وضعٍ صعْبٍ من الحرَج وعزة النفس.
ومن استفتاءٍ ميداني أجرته الكاتبة، تبيّنَ أنّ الرجل الذي يَفقُد عمله، يَعملُ في البيت ويهتمُّ بالأولاد أقلَّ مِما حين كان لا يزال يعمل، خصوصاً حين يُدرك أن الوقت قد يطولُ به في البيت قبلَ أن يَجد عملاً له آخر شبيهاً أو مُماثلاً عملَه الأصلي.
وقد يجد الرجل إحراجاً أكثر إذا كانت زوجته تتقاضى راتباً أكبر مما كان راتبه حين كان يعمل، ما يضعه في وضع نفسي غير مريح مهما كانت زوجته توفّر له جو طمأنينة، فتذهب إلى عملها صباحاً وتترك له مهمّة البيت والأولاد، وربما شراء الحاجيات والطبخ، حتى عودتها ظُهراً أو عند المساء. وقد يفعل ذلك حباً بِها وكسباً لوقتٍ أطول مع الأولاد، ولم يكن يتسنى له ذلك حين كان يعمل نهاراً، قبل أن يُصبح عاطلاً عن العمل.
هذا الموضوعُ الطريف استوقفَني بعد صدور نتائج الانتخابات عندنا (الاثنين الماضي) وهدوءِ ضجيجٍ صاخبٍ رافق حملاتٍ انتخابيةً صاخبةً استنزفَت من السادة المرشحين كل وقتهم، فتَساءلتُ: “… وماذا الآن بعد 7 حزيران؟ مَن نَجحَ منهم سيتوجّه إلى عمله في ساحة النجمة. ولكنْ: مَن لم ينجحْ ماذا سيفعل؟ من أصل 450 مرشحاً فاز 128، فماذا عن الباقين الذين لن يكونَ لَهم أن يدخلوا تَحت قبة البرلمان؟ ماذا سيفعلون؟ كيف سيُمضون وقتهم؟ وماذا بعدما ستُقفِلُ مَحطات التلفزيون أبوابَها دونَهم، وهواتفُهم لن تَرنّ بعد اليوم، ومن كانوا حولهم مُهَيِّصِين معيّشين وأزلاماً ومَحاسيبَ وأنصاراً ومُحبّين ومناصرين، انصرفوا عنهم ولن يعودوا”؟
إنها ساعة الحقيقة: ساعةُ أن يرَوا وجوهَهم في مرآة الواقع، في لَحظةِ ندمٍ أو أسفٍ نأمل أن يَبْلُغوها فيُوقنوا أنّ كلّ هذا الصخبِ الذي أطلقوه حولَهم، لَم ينفعْهُم ولَم ينفعْ لبنان، ولا كان ذا صلةٍ فعليةٍ بِهُويّة لبنان، ولا بِرسالة لبنان، ولا بِما ادَّعَوا أنّهم يعملونه من أجل لبنان.
فيا حضرات الذين باتوا عاطلين عن الخطابة والتصاريح، وربما العمل، بعد 7 حزيران: عُودوا إلى بيوتِكم، إلى عائلاتكم، إلى زوجاتكم وأولادكم، فرُبَّما بقليلٍ بعدُ من الحظّ، لا يزال في وِسْعكم أن تَستلْحقوا بعضَ ما هَدَرْتُم من وقتٍ على الصخب الانتخابي، فتعُودوا إلى أسْرتكم الأولى، أسْرتكم الأساسية، إلى الأصل، إلى النبع، لعلَّكم تكتشفون أنَّ الحقيقة هي في لَحظة الحقيقة، وليست في خُطَب رنّانةٍ تدّعي الحقيقة وليس فيها من الحقيقة لَحظةٌ واحدة.