هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

804: أسباب سياحية مُقنعة لزيارة بيروت وأسباب سياسية مُفجعة

الحلقة 804: أسباب سياحية مُقْنِعَة لزيارة بيروت
وأسباب سياسية مُفْجِعَة للهرب منها
الأربعاء 13 أيَّـار 2009

بعد مقالاتٍ مُشرِّفةٍ من صحافة العالم تدعو إلى زيارة بيروت السياحة والجمال والفرادة، كمقال “نيويورك تايمز” (11 كانون الثاني الماضي) عن بيروت وُجهةً عالمية أُولى للسياحة على رأْس قائمة من 44 مدينة في العالم، ومقال “غارديان” البريطانية (28 شباط) عن إقبال السيّاح على طيب المأكولات اللبنانية، ومقال “وكالة الصحافة الفرنسية” (أ.ف.پ. 17 آذار) عن ازدياد توافُد السيّاح إلى لبنان، ومقال “وُوْل سْتريت جورنال” (20 آذار) عن شهرة نبيذ لبنان عنواناً بارزاً من عناوين السياحة اللبنانية، ومقال “سياحة لبنان تنشَط من جديد” في “لوس أنجلس تايمز” (25 آذار)، … هي ذي مَجلة الـ”إكسبرس” الفرنسية الشهيرة في عددها الأخير (الأربعاء الماضي: 6 أيار الجاري) تنشر مقالاً لِمندوبتِها ماري كريستين دوپرون (Deprund) بعنوان “خمسة أسباب للذهاب إلى بيروت” مع صوَر جميلةٍ عن بيروت وجبيل والبحر وبعلبك وليل بيروت.
والخمسة العناوين هي: “بيروت موعدٌ لعشّاق الشرق الأوسط”، “فن الجلوس إلى المائدة الشهية في بيروت”، “بيروت تظلُّ ترقص ولو على فوهة بركان”، “مبدعو بيروت يَخلقون المستقبل”، و”بعلبك وبيبلوس دهشة تقطع الأنفاس”.
في مطلع المقال كتبت ماري كريستين: “ها عاصمةُ لبنان تولد من جديد. عمران المدينة المتوسطية القديمة يعود بِحيويةٍ مذْهلة. هيُّوا إليها بسرعة واكتشفوا أحياءَها الجديدة الجميلة، وفنَّها الراقي في الحياة الرغيدة، وفي ذوقها العِيدِيّ الفريد”. وكتبَت أيضاً: “لا مدينةَ في الشرق كبيروت تعطيكَ انطباعَ أنكَ في بلد غريبٍ وفي بلدك معاً”، وكتبَت: “اللبنانيون مُحترفون في امتهان العيد، والفنانون الخلاّقون يصنع كلٌّ منهم في اختصاصه مستقبلَ لبنان”، وكتبَت: “عظمة بعلبك تذهلك من جمال، فالغيوم تتعلَّق بالستة الأعمدة في معبد جوبيتر الذي كأنه يترنَّح، في هذه البعلبك التي هي أكبر وأجمل معابد الرومان في العالم”، وكتبَت: “الحجارةُ الزهريةُ في بيبلوس تغسل أقدامَها في البحر الدَّهريِّ الذي على شطّه كانت السُّفُنُ الفينيقية تَحمل رَقائقَ البَرْدِيّ من مصر لتوزِّعَها على مدن المتوسط”. ويَمضي المقال في تعداد جمالات بيروت وبعض لبنان، كأنّما بقلمٍ لبنانيٍّ حتى آخر شرايين الحروف.
غير أنه فرنسيٌّ هذا القلم، وأجنبيةٌ أقلامُ صحف عالمية أخرى كتبَت عن بيروت ولبنان ترغِّب القراء بزيارة بيروت، بيروتنا الحبيبة الغالية التي يرى الأجانب فرادتَها ويُحبّونَها، ويَجدون أسباباً مقْنعة ليشجِّعوا على الْمَجيء إليها، فيما بعض “بيت بو سياسة” عندنا، بأقلامهم وتصاريحهم وأصواتهم، يَجدون كلَّ الأسباب المفْجعة ليهرِّبوا من بيروتَ اللبنانيين والأجانب.
وبين الأسباب المقْنعة والأسباب المفْجعة يَصدُر مقال الـ”إكسبرس” الرائع في عددها الأخير. فيا حبَّذا لو يتوسّع في صحافتنا إبرازُ بيروت كما يراها الأجانب، فيُقْبِلُ القُرَّاءُ الإنترنتيِّون في العالم على زيارة بيروت، عوض أن يتجنَّبوها عند قراءتهم تصاريح لبعض “بيت بو سياسة” ليس فيها سوى التسابُق على قواميس الشتائم والتُّهم والردود والرُّدود على الرُّدود، في تعابيرَ مُقْذِعةٍ تَجعل من بيروت ولبنان مسارحَ لاقتتال الكواسر كما كانت، في ذاك الزمان القديم، حلَباتُ ملاعب الرومان.