هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

801: هذه الحملات الانتخابية “الكهرونية”

الحلقة 801: هذه الحملات الانتخابية “الكَهْرُونيَّة”
الأحد 3 أيَّـار 2009

بعدما تكاثر استعمالُ الإنترنت في كل بيت، أصدرَت فرنسا في 21 حزيران 2004 قانوناً ينظّم استخدامه، وأصدرت في 1 كانون الأول 2007 قانوناً ينظّم استخدام الإنترنت للأغراض الانتخابية، وفيه تُحدِّدُ الفِقرةُ الأولى من المادة 52 شروطاً على المرشَّح اتّباعُها كي يَحقَّ له القيام بحملاته الانتخابية على الإنترنت: إعلاناتٍ أو رسائلَ أو إحصاءاتٍ أو معلومات.
وبينما يغرق لبنان، هذه الأيام، في حُمّى الانتخابات، وتشدِّد الدولة على تطبيق موادَّ واضحةٍ في قانون الإعلام المرئي والمسموع للقيام بالحملات الانتخابية، تنفلش هذه الحمَلات على قطاعٍ لَم تلحظْهُ الدولة في قانونِها، هو قطاع الإنترنت.
فمعظم المرشحين لَهم موقعٌ إلكترونيٌّ يُخاطبون منه مناصريهم والمواطنين جميعاً، ويدخل عليه أنصار ومناهضون، ويكتبون فيه آراءَهم مدحاً أو قدحاً، شجباً أو تأييداً. وللّوائح كذلك مواقع إلكترونية يستنهضون فيها أنصارهم، ويُطلقون منها شعاراتٍ ومعلوماتٍ و”تَحميساتٍ” وإيعازات، إضافةً إلى موقع “face book” الذي يدخل عليه الملايين يتناقشون ويعطون رأيهم وميولَهم واندفاعاتِهم الانتخابية، ما يصبح الإعلان التلفزيوني أو الإذاعي ضحلاً أمامه من حيث عددُ الداخلين على الموقع وإمكانُ إعطائهم رأيَهم مباشرةً والتأثيرِ سلباً أو إيجاباً على أصدقائهم أو مُخاطبيهم.
وتطْلع اللافتاتُ الإلكترونية على النواصي والطرقات وسطوح المنازل وحيطان الأبنية، بشعاراتٍ لا تَخلو أحياناً من الطرافة والذكاء، في بثّ الشِّعار (أو في “نقْض” شعارٍ منشور)، والانتصار لِهذا المرشَّح أو ذاك، لِهذه اللائحة أو تلك، فتزيد من “إلكترونية” الجوّ الانتخابي.
وفيما الحملات الانتخابية في الماضي كانت تقتصر على صورة المرشح مضاءةً بالكهرباء، باتت الكهرباءُ اليوم “بدائية” إلاّ في ما يثير كهربةَ الجو العام بشعارات إلكترونية.
وفيما الحملات الانتخابية في الماضي كانت تقتصر على توزيع مناشير في الطرقات وعلى زجاج السيارات وعلى الحيطان (ضمن الأحياء المحصورة جغرافياً في منطقة المرشَّح دون سواها) باتت المناشير اليوم مبثوثةً في المواقع الإلكترونية، يتوجَّه عبرها المرشَّح إلى ناخبيه في كل مكان من العالم، ويُجدِّد نصوصه متى شاء وكيفما شاء، ويفتح لهم الباب كي يُحاوروه من كل مكان فيجيبَهم أو يُجيبَهم مكتبه، ويكون على اتصال مباشِر مع قاعدته الانتخابية، فلا يعود في حاجة كثيرة إلى إعلانٍ تلفزيوني، أو اشتراكِه في “توك شو” إذاعي أو تلفزيوني، ولا يعود مضطراً إلى مراعاة قانون المرئي والمسموع في حملته الانتخابية.
هكذا تؤدّي الاستخدامات الإلكترونية إلى كهربة الأجواء عبر الشبكات والمواقع الإلكترونية، فتصبح حملةُ المرشَّح “كَهْرُونيَّة” (كهربائية-إلكترونية) وصولاً إلى ساعة الحقيقة التي ستلفظُها وحدَها صندوقةُ الاقتراع في السابع من حزيران.