هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

800: من حركاتهم تفضحونهم

الحلقة 800: من حركاتهم تفضحونهم
الأربعاء 29 نيسان 2009

كَثُرُوا في الفترة الأخيرة. كَثُرُوا كثيراً. وكَثُرَت تصاريحهم وبياناتهم وخطبهم وانفعالاتهم وشتائمهم ضدَّ بعضهم بعضاً.
مرشَّحون من هنا، مرشَّحون من هناك. تصاريحُ وخطَبٌ من هنا، تصاريحُ وخُطَبٌ من هناك.
ولكنْ… الى أيِّ حَدٍّ صادقُونَ هم، وصادقةٌ تلك الخُطَب والتصاريح؟
من الواضح أنَّ مَن يقول الحقيقة، كما هي، بكل صدق الحقيقة وعُرْيها، لا يَحتاج أيَّ جَهدٍ في التعبير عنها أو في مساندة قولِها بِحركاتٍ من جسمه: وجهِه، يديه، نبرة صوته أو زَوَغان عينيه.
بينما مَن يفتعل الحقيقة، مَن يزوِّر الحقيقة، مَن يكذب على الحقيقة، يَحتاج دفْعاً من جسمه كي يُقنِع جمهور سامعيه.
من هنا أنّ سلوكه غيرَ الناطق، يفضَح نطقه أياً تكن كلماتٌ يستعملها ليَنطِق بما يزوّر فيه الحقيقة.
فيا حضرة الناخبين، في كل منطقة من لبنان: تأمَّلوا مرشَّحيكم وهُم يتكلّمون، واحكُمُوا أنتم على صدق ما يقولون.
تأمّلوا حركاتِ أيديهم، إشاراتِ أصابعهم، قَسَمات وجوههم، تيَهانَ عيونِهم في كل مكان وفي لامكان، استعمالَ كلماتِهم، طريقةَ تعبيرهم، نبرةَ أصواتهم (بين خفيضةٍ أو صارخة أو منفعلة أو شِجارية أو شتّامة أو دفاعية أو هجومية أو عالية في حيثما لا حاجة للنبرة العالية) راقبوا رفَّة عيونهم، راقبوا حركات فَكِّهم، راقبوا تعثُّر الكلمات يلوكونَها ويعلكونَها تَحت لسانِهم، راقبوا استعمالَ كلماتِهم المكرَّرةِ المتشابِهة المفْرَغَة من كلّ معنى لكثرة ما قالُوها أو يقولُها غيرهم ويردِّدونَها بدون اقتناع ولا إقناع، راقبوا أين تكون أيديهم وكيف تكون أيديهم، وأيةَ يدٍ واحدة أو يَدَيْنِ يُحرّكون، وكيف وعند أيِّ معنى، وهل حركاتُ اليدين وقسماتُ الوجه ونبرةُ الصوت تتماشى تَماماً مع ما يقولون؟ وهل يتطابق معنى ما يقولون مع مبنى حركاتهم؟ وهل ما يتحدَّثون به يتطابق شكلُهُ مع مضمونِه؟
إنّ حركاتِ جسمِهم تفضَحُ قولَهم حين لا يقولون الحقيقة، أو حين يقولون كلاماً تَخديرياً إستهلاكياً معلوكاً مكرَّراً معروفاً مألوفاً خشبيّ الشكل والمضمون. ذلك أن التعبير لا تَختصره الكلماتُ وحدها، بل للجسم تعبيرٌ مُختلِف قد يكون عكس ما تقوله الكلمات، كتعابير التوتُّر أو الانفعال أو الكذب أو الفضيحة.
راقبوا المسافة الفاضحة غالباً بين الكلمات ونبرة الصوت التي تقولها. فاللغة لا تتحدّد بالكلمات فقط، لأنّ للجسم أو الحواس لغةً أخرى ذات إشاراتٍ واضحة فاضحة قد تصل الى التعبير عكسَ ما يقول صاحبُها.
هكذا علينا، نحن الناخبين، أن نفهم أنّ هؤلاء هم مرشَّحونا، وهي ذي مهرجاناتهم الانتخابية، فلا نتأَثَّرَنَّ بوحدِها كلماتِهم، بل فلنراقبْ “كيف” يقولون كلماتهم، ولنحكُمْ عندها على صدْقهم معنا، أو فلنفضحْهُم كما تفضحُهم تعابير وجوههم وحركات أجسامهم.
ألا فلْنَعِ هذه الحقائق الفاضحة وعندها فلْنُقَرِّر، قبل أن نقف أمام صندوقة الاقتراع نَهار السابع من حزيران.