هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

763: قالها كيندي… لكنّها لجبران

الحلقة 763: قالَها كيندي… لكنَّها لِجبران
(ليـوم الأربعاء 17 كانون الأول 2008)

قبل عشرين يوماً من نِهاية 2008 (سنة جبران في مرور125سنة على ولادته)، وقبل ثلاثين يوماً من أداء الرئيس الأميركي الجديد أُوباما قسَم اليمين الدستورية (في 20 كانون الثاني المقبل)، ثَمّةَ أمرٌ يَجمع بين جبران وخطاب قَسَم الرئيس الأميركي (وهو الموضوع الذي أثرتُه أول أمس الإثنين ضمن مقالي الأسبوعي “أزرار” في “النهار”، ولاقى رُدوداً متمنّيةً توسيعَ نشر الحقيقة على اللبنانيين).
في 20 كانون الثاني 1960 ألقى الرئيس المنتخب جون كيندي خطاب القسم، وورَدَت فيه عبارة “لا تقُل ماذا فعلَت لي أُمَّتي، بل قُلْ ماذا فعلْتُ أنا لأمتي”. ومن يومِها اشتُهرت هذه العبارةُ منسوبةً إلى الرئيس الأميركي، يستشهد بها الكثيرون في العالم، حتى اللبنانيون على المنابر وفي الكتابات.
وحقيقة العبارة أنَّها لِجبران، من نَصّه “العهد الجديد” في كتابه “البدائع والطرائف” (الصادر في القاهرة سنة 1923- أي سنة صدور “النبي” في نيويورك). وجاء في نص جبران حرفياً: “أَخبِرْني ما أنتَ ومن أَنتَ؟ أَسياسيٌّ يقول في سِرّه “أريدُ أن أنتفع من أُمّتي”؟ أم مواطنٌ صالح يهمس في نفسه: “أَنا مواطنٌ أتوقُ إلى نفع أُمّتي”؟ إن كنتَ الأول فأنتَ نبْتةٌ طفيلية، وإن كنت الأخير فأنتَ واحةٌ في صحراء”.
ويبدو أن كاتبَ خُطَب الرؤساء (في البيت الأبيض) قرأ عبارةَ جبران هذه في كتاب “جواهر من جبران” الذي تَرجَمَ نصوصَه من العربية إلى الإنكليزية أنطوني فارس، وصدر لدى منشورات “سيتاديل” في نيويورك سنة 1951 (تسع سنواتٍ قبل خطاب كيندي)، فجعلها كاتب الخُطَب على لسان الرئيس جون كيندي في خطاب القسَم الذي انتشَر يومها عبر وسائل الإعلام في معظم لغات العالم، وانتشرَت معه تلك العبارةُ منسوبةً إليه، لا إلى جبران. ولأنّ كتاب “جواهر من جبران” لم ينتشر في أميركا انتشار كتاب “النبي”، لَم تنتشِر تلك العبارة من جبران بل على لسان جون كيندي.
وليس أفضل، لِختام سنة جبران هذا العام، من وعي اللبنانيين أنَّ تلك العبارة هي لِجبرانِهم لا لِـجون كيندي، وأنّ لبنانَهم ليس وطناً صغيراً، بل دولةٌ صغيرةٌ يَمتدُّ ترابُها على بقعةٍ من الأرض ضيِّقَةٍ ذاتِ حُدود، لكنَّ وطنَها الفعليّ مساحتُه لا إلى حدود.