هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

761: “بسم الله الرحمن الرحيم” من دير الراهبات

الحلقة 761 : “بسم الله الرحمن الرحيم” من دير الراهبات
الأربعاء 10 كانون الأول 2008

في أجواء الأضحى المبارَك، وتردُّداته الخيِّرة بين صفوف العائلة اللبنانية الواحدة، من حامل صليبٍ مقدس إلى حامل قرآنٍ كريم، يَجْمُلُ التذكير بهذه الوثيقة التاريخية التي عمرُها 334 سنة، والبليغة الدلالة والمعنى على لبنان الإلفة والعيش الواحد.
جاء في الوثيقة: “بسم الله الرحمن الرحيم. بتاريخه أدناه، بعنا شقفِةْ الأرض التي تَخُصّنا في مَحلّة الزعرورة، إلى راهبات طاميش. طولها مائتين ماسورة بِماسورة بو طنوس. يَحدُّها شرقاً التنور الذي كانت تَخبز عليه أم شلهوب، وغرباً وِكر الحيِّه السودا التي عقصِت بو شاهين عِمْلَوِّل، وشَمالاً الطيونة المعشّشة فيها الدعويقة، وجنوباً مطرح اللي كان يقيِّل عنزاتو بو الياس. تَمّت الجهات الأربع، وقبضنا الثمن رُبعيّة زيت ورغيفين كار. والبيع تَمّ بِرضانا ورضا الرب. والخاين يْخونُه الله. والشقفِه صارت تَخُصُّه، يتصرَّف فيها بِـحُريّه. صرمايتُه بيقْلَعْها ويلبِسْها على خاطرو. سنْةْ ألف وست ماية وأربعة وسبعون (1674). الشاهد: بوطنوس – كاتبه: المير موسى”.
ليس أبلغ من هذه الوثيقة للدلالة على لبنان الأمس الذي لا خلاص إلاّ بالعودة إليه.
صَكّ بيع إلى دير راهباتٍ يبدأ بالبسملة: “بسم الله الرحمن الرحيم”. والقسَم بأن “الخاين يخونه الله”.
إنها بَرَكَة الطِيبة اللبنانية التي لا تُقيم حواجز بين دينٍ ودين، ولا بين طائفةٍ وطائفة، وتعيش الحياةَ اللبنانية الواحدة وتحيا العيش اللبناني الواحد.
هذا هو لبنان، وهؤلاء هم اللبنانيون الذين بَنَوا لنا لبنان واحداً موحَّداً لعائلةٍ لبنانيةٍ واحدة موحدة.
ولا خلاصَ إلاّ بالعودة إلى هذا اللبنان، الذي لا جراثيمَ خارجيةً تلوّثه، ولا خياناتٍ يوضاسيةً داخليةً تَنْخُره، ولا تُخدِّر شعبَه ببغاوياتُ سياسيّين يتشدَّقون يومياً بشعارات “التعايش” و”العيش المشترك”، كأن شعب لبنان قبائل متباينة “تتعايش”، وكأن شعب لبنان شعوب مفروضٌ عليها أن تعيش “عيشاً مشتركاً”.
وحدَه لبنانُ الواحد، بعائلته الواحدة، هو الخلاص الذي يبدأ من دير راهباتٍ تتصدّر صكَّ بيعٍ لديه بَسْمَلَةُ: “بسم الله الرحمن الرحيم”.