هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

749: ميكانيك مؤقت للإيجار

الحلقة 749: ميكانيك مؤقت للإيجار
الأربعاء 29 تشرين الأول 2008

من هواياتي (على قلّتها، غيرُ الكتابة) اقتناءُ سيارات قديمة مُجَدَّدة. وأول أمس الاثنين، أرسلتُ، مع سائقٍ، سيّارتي القديمةَ المجدَّدة الى المعاينة الميكانيكية. وحين مرَّت على الآلات الفاحصة نَجحَت في جميع المراحل إلاّ بنقصٍ في “مثلث الإنذار” المعروف بـ”الفلاشِر”. وحين قال السائق للفاحص إن “الفلاشر” لم يكُن أصلاً موجوداً سنة صنع السيارة وهي 1960، انتهر الفاحصُ سائق سيارتي وقال: “لا أفهم. السيّارة لن تَمُر”. وختَم على المعاملة عبارة “غير صالحة للسير”.
استدار سائق سيارتي ليعود إلَيّ بِحِيرةِ “ما العمل” طالَما السيارة موديل 1960 وليس فيها من مصدر صنعها هذا “الفلاشر”. عندئذ تقدَّم منه شخص في المكان وهَمسَ له قائلاً: “هنا، قرب مركز الميكانيك، ميكانيكيٌّ شاطر يركّب لك “الفلاشر” في أي مكان مؤقت من السيارة. فاستأجِر من عنده “فلاشر” مؤقتاً، وحين تَمُرّ السيارة على الميكانيك وتنجح، تعود إلى الميكانيكي فينْزع لك “الفلاشر” المؤقت وتدفع له إيجاره”. وهكذا كان، وركّب الميكانيكي الجار ذاك “الفلاشر” المؤقت الذي لا مكان له أصلاً في كيان السيارة موديل 1960، ومرّ بِها على المعاينة من جديد، فختم له ذاك الموظّف الجهبوز نفسُه عبارة “صالحة للسير”.
وحين عاد السائق بالسيارة إلَيّ، وروى لي ما حدث، وقرأَ على وجهي اندهاشَ الاستغراب، أكّد لي أن هذه الحادثة تَحدث كل يوم في مراكز المعاينة، فيركِّب السائقون دواليبَ مؤقتة ومصابيحَ مؤقتة وقطعاً مؤقتة، ما سوى كي يَمُروا بِها على المعاينة الميكانيكية، ثم ينْزعونها بعد المعاينة ويسيرون بسياراتِهم التي تفتقد الى أقل ضمانات السلامة العامة.
عندئذ فهمتُ كيف أرى على طرقاتنا سياراتٍ كساسيرَ لا تصلح أن تكون قنناً للدجاج أو مزارب للماشية.
يا دولة، يا هذه الدولة، لن تصبحي دولةً دولة، إلاّ حين تفرِضين على جميع المواطنين حزماً يُسمى “هيبة الدولة”.