هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

746: بيروت الندى والربيع

الحلقة 746: بيروت الندى والربيع
ليـوم الأحد 19 تشرين الأول 2008

عشية انطلاق سنةِ “بيروت 2009 عاصمةً عالَمية للكتاب”، فائزةً على ثلاث منافسات: بانكوك (في تايلندا)، الكاپ (في (أفريقيا الجنوبية) وكازان (في روسيا) وتاليةً مدريد والإسكندرية ونيودلهي وأنڤيرس ومونتريال وتورينو وبوغوتا وأمستردام، ها هي وكالة “يونايتد پْرِسّ” تنقل إلينا خبراً مشرقاً عن بيروتنا الرائعة: وهو حُلولُ “بيروت 2009 ثالثَ أفضل مدينةٍ للسفر إليها”، بِحسب الدليل السياحي العالَمي “Best in Travel” الذي تُصدره في أُستراليا مؤسسة “Lonely Planet” العالَمية السياحية الوثيقة، وهو حوى 350 مادة سياحية بين وُجهاتٍ وخرائطَ وعناوينِ رحلاتٍ وتَجاربَ ميدانيةٍ، وتضمّن لائحةً بأكثرِ عشرِ مدُن في العالم مقصودةٍ من كل العالم لنبضها بالحياة والنشاط والجمال.
حلّت بيروت ثالثةً بعد غلاسكو (في سكوتلندا) وأنتويرپ (Antwerp في بلجيكا)، وتلتْها رابعةً شيكاغو، وخامسةً ليشبونة، وسادسةً مكسيكو سيتي، وسابعةً ساو پاولو، وثامنةً شانغهاي، وتاسعةً وارسو، وعاشرةً زوريخ.
معيار هذا الدليل السنوي السياحي العالمي الشهير: المطبخُ المتنوّع، وذهنيةُ الشعب المنفتحة، والفنُّ المعماريُّ المازج بين الحداثة والتراث.
هذه عالَميةً مُجَدّداً بيروت، عاصمتُنا الغالية ومدينتُنا الأَحب وراعيتُنا الحنون والغافرةُ ذنوبَنا وخطايانا، والحاويةُ جمالَ البارحة واليوم والغد الآتي، والمحتملةُ أخطاءَ بيت بو سياسة عندنا، هؤلاء الذين، كلما غرّقوا ساحتنا الداخلية في وُحُول عنعناتِهم وتشنُّجاتِهم وكيدياتِهم وشخصانياتِهم وغرورهم وعنادهم ودونكيشوتياتِهم، يأتي ما أو مَن يُعيد الى بيروت على الساحة العالمية إشراقتَها الحقيقية وسحرها الجذاب وجمالها التاريخي وأصالةَ شعبِها العريق الطالع من جذور الحياة الى فروع الحياة صوب فضاء الحياة.
لن يقوى عليها أحدٌ، بيروت. فهي أقوى من الجميع. وهي أنقى من الجميع. وهي أصدق من الجميع. وهي الأُم التي تغفر وتنسى وتَحضن وتَحتضن، وتُسامِح وتعود فتستقبل كل ابن شاطرٍ، وكلّ ولد عاقّ، وكلّ ضعيفِ نفسٍ أو فقيرِ نفسٍ أو حقيرِ نفسٍ أخطأ تِجاهَها، أو رمى وردةً على وجهها النقيّ.
بيروتُ الألفيَّة هذه، الحاملةُ في صدرها عهودَ الحضارات وشواهدَ المدنية والرقي وآثارَ السنوات المضيئة في التاريخ، بيروتُ أرض الندى والربيع، بيروتُ الميمونة التي اختارها البحر عروساً له، والتي اختارتْها آلِهة الأَساطير نَجمة الفلك الأرضي، هذه البيروتُ هيَ هيَ أرضُ الفينيق الحقيقي الذي يَحترق في نار الحقد والضغينة والحروب المتتالية على بيروت منذ آلاف السنين، ثم إذ تنحسرُ غيوم الدخان السود، تعودُ بيروت فتنهضُ من رمادِها أبْهى، ومن دمارِها أشهى، لِتَتَكَوْكَبَ في عواصم العالَم شعلةَ نورٍ وفكرٍ وحضارة، جديرةً بِما في صدرها من حضارات ألْفيَّة.
بلى: أرضُ الندى الدائم والربيع المتواصل، بيروت، ويا ما أطيبَ نكهتَه، ربيع بيروت الذي يَحلّ في أيلول، حاملاً الى الفرَح ربيعاً واعداً بعمْرٍ جديدٍ يشرقُ كلّ شمس على رصيفِ شاطئٍ تتمايل فوقه حوريةٌ عاشقةٌ تذهب لَهفى الى لقاء القدَر العاشق.