هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

721: القمع لا الحزم، يا وزير الداخلية

الحلقة 721: القمع لا الحزم، يا وزير الداخلية
الأربعاء 23 تَموز 2008

مع كلّ حكومةٍ جديدة، ووزيرِ داخليةٍ جديد، يعودُ نداؤُنا الجديدُ القديم المتجدِّد المتواصل: السير، السير، السير.
نعرف أنّ للوزير الجديد، أَيِّ وزيرٍ جديدٍ في الداخلية، هموماً كبرى واهتماماتٍ رئيسةً، أمنيةً وسياسيةً وإداريةً وعسكرية، لكنّ السير في لبنان معضلةٌ كبرى بلغَت حدّ الإرهاق النفسيّ والجسديّ والذهنِيّ والعقليّ و”الأعصابِيّ”.
فعدا الموت اليومي الذي يسببه سائقون طائشون، ثَمّة وقاحةٌ لم تعُد تطاق، وقلّةُ أخلاقٍ لَم تعُد تُحتَمل، وقلّةُ ضميرٍ لم تعُد مسموحة، وقلّةُ مواطنية يَجب التعامل معها بـ”قمعٍ” قانوني، لا بِحزمٍ وحسمٍ وعزمٍ وحسب.
فيا صديقنا الحبيب، وزيرَ الداخلية الجديد، يا دكتور زياد بارود، الآتي الى وزارة كبرى في مطلع شبابك الواعد كثيراً والناضج كثيراً والمرجعيِّ كثيراً: نرفعُ النداء مُجدداً إليك هذه المرة: السير، السير، السير.
فَرِحْنا كثيراً ونَحنُ نسمعُكَ، نَهار التسليم والتسلُّم، تقول: “أنا جئتُ من القانون، وسأتعامل دائماً تَحت القانون، لا أحد فوق القانون، ومن سيكون فوق القانون لن يكون مرتاحاً معي”. ومن متابعتنا إياك في أسبوعية “تَحت القانون” مع “وردة” “صوت لبنان” نعرف كم أنت واعٍ جريمةَ اغتصاب مواد القانون. لذلك، نَحمل صرختنا إليك: السير، السير، السير.
ولا بُدَّ أنك (وأنت المتحرِّك الناشط) ملاحظٌ ما على طرقاتنا يومياً، هنا أو هناك أو هنالك، من رعونةِ سائقٍ طائشٍ بلا أخلاق، يتجاوز ثالثاً أو رابعاً فيَسُدُّ الطريق على السير الآتي من الجهة المقابلة، أو يقود بسرعةٍ جنونية مطمئناً الى أنْ لا شرطيّ سير سيوقفه، أو يوقف سيارته تَماماً تَحت إشارة “مَمنوع الوقوف” مطمئنّاً الى أنْ ليس من سيُحاسبه، أو يَعْبُر الطريق عكس السير فيعرقل السير في الاتّجاهين مطمئناً الى أنْ ليس مَن سيسطّر به مَحضر ضبط، أو يترك سيارته في وسْط الطريق ليدخل يشتري منقوشة أو يصافح صديقاً أو يشرب فنجان قهوة مطمئناً الى أنْ ليس من يقمعه، أو يَجتاز التقاطع على الضوء الأحمر بكل صلافة، بكل وقاحة، بكل قلّة أخلاق، مُعَرِّضاً للخطر الآخرين على التقاطع مطمئناً الى أنْ ليس من سيعاقبه، وهو نفسه، هذا الأرعنُ الوقحُ الـبلا أخلاق، لا يرتكب أيةَ مُخالَفَةٍ من هذه جَميعها في أية مدينةٍ عربية أو غربية، خشيةَ العقوبة أو المحضر أو نزع رخصة قيادته.
فلماذا يَخاف المخالفة خارج لبنان، وفي لبنان يُمارس مُخالفته ووقاحته وقلة أخلاقه بدون خوف ولا حذَر؟
لماذا؟ لأن رجال شرطة السير عندنا معظمهم ديكور على الطرقات، لا هيبة لَهم، لا سلطة، لا صلاحية، أو لا جلَد لَهم على توقيفِ هذا أو تنظيمِ مَحضر بذاك أو معاقبةِ ذلك.
يا صديقنا الحبيب، يا وزير الداخلية الجديد، إننا نؤمنُ بكَ، نؤمن بعزمكَ وحسمكَ وحزمكَ، لكننا، على الأَقلّ لفترة أُولى كي ينضبط الوقحون، نرى أن تستعمل القمع مع أي وقحٍ أرعن قليل الأخلاق قليل الأدب قليل المواطنية. فليس إلاّ القمع (في مرحلة أولى) يضبط الوضع ويعيد الى طرقات لبنان انضباطاً نشهده خارج لبنان بسبب هيبة الدولة هناك وسلطة رجال شرطة السير.
معالي وزير الداخلية الجديد، العزيز الغالي الدكتور زياد بارود: أملُنا بكَ كبير، وأنتَ حتماً على حجم الأمل.
السير، السير، السير… فمارسِ القمع القاسي على طرقاتنا، يا معالي الوزير.
وحدَه هذا القمع (في الفترة الأُولى) يُعيد الْهيبَةَ الى الدولة التي لن يُعيدَ الثقةَ بِها اليوم إلاّ… هذه الْهَيْبة.