هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

714: كوتا مذاهب لا حكومة مواهب

الحلقة 714: كوتا مذاهب لا حكومة مواهب
لـيوم الأحد 29 حزيران 2008

واحدٌ يبشِّرنا بالحلحلة، فيتنطّح آخر ينبئنا بالعرقلة. واحدٌ يُحدّثنا عن قرب انفراج، وآخر ينذر بقُرب انفجار.
وبين مدٍّ وجَزْر، بين هبّةٍ باردة تنعش، وهبّةٍ ساخنة تُحبِط، يقف المواطن اللبناني أمام شبح الخوف والقلق، ضائعاً يبحث عمّن ينقذه من تنينٍ زاحفٍ إلى عائلته ولقمة عيشه ومستقبل أولاده، تنينٍ يقودُه حردانون من هنا، متشنّجون من هناك، شخصانيّون متوتّرون مَوْتُورُون من هنالك، لا مطالبهم تنتهي، ولا عرقلاتُهم تنتهي، يُخفون وراء مطالبهم عرقلاتٍ أخرى مطلوبٌ منهم أن يضعوها في طريق كلّ حلٍ يقترب أو ينفتح.
وسط كل هذا التجاذب الذي كالسُوس القاتل ينخر جسم الوطن، وكالمنشار القاتل ينشر مستقبل الوطن، وكالأسيد القاتل يذوّب دور الوطن من جنةٍ فريدةٍ إلى صحراء بديدة، يتساءل المواطن العادي: حتى لو تشكَّلَت الحكومة، فمَن سيكون فيها؟
من هم هؤلاء المطروحةُ أسماؤهم لِحقائب يتناتَشُها أقطاب “بيت بو سياسة”، ويتشبّثون بِها، ويَحردون بسببها، ويرفضونَها أو يقبلونها بِحسب أطماعهم وفواتيرهم وحساباتهم وبوانتاجتهم الانتخابية بعد عشرة أشهر؟
هل المطروحة أسماؤُهم، جَميعهم ذوو مواهب متخصِّصة بالحقيبة التي سيتولّونَها أو سيولّيهم عليها أسيادُهم الأقطاب؟
أليس المرشّح لهذه الحقيبة أو تلك، مُجرّدَ شخصٍ على مقعد، وزيرٍ لِحقيبة، رقمٍ في كتلة أو تكتل، يُكْمِلُ العددَ الطَّالِبَهُ هذا القطب أو ذاك من “بيت بو سياسة”؟
أليس مُجردَ صوت في مَجلس الوزراء، يوافق أو يرفض وفق ما يريده سيده خارج الجلسة؟ أليس مُجرّد ساعي بريد ينقل إلى داخل مَجلس الوزراء ما يريده سيِّدُه خارج المجلس، أو ما يكون زوّده به من تعليمات وعلامات واستعلامات؟
هل كلُّ وزير سيدخل الحكومة، مستقلُّ الرأي، حرُّ القرار، له هامشُ التحرك خارج سيّد كتلته أو تَكتُّله أو حزبه أو تياره أو زعيمه أو قائده أو رئيسه أو معلّمه هنا في لبنان أو من وراء الحدود؟
وهل كل مَن سيتولى هذه الوزارةَ أو تلك، أهلٌ لِهذه الوزارة أو تلك؟ أم انه سيكون حامل حقيبة اختارها سيِّدُه القطب السياسي، لا له (أي للوزير) بل له (أي للقطب السياسي) من أجل تكملة عدد الحقائب التي طالب بِها، أو عاند لأجلها، أو حرد في سبيلها، أو عرقل كلّ تشكيل الحكومة للحصول عليها؟
وهذه الحكومة التي ستتشكّل، آجلاً أم عاجلاً أم بين بين، هل هي حكومة الرّجل المناسب في المكان المناسب؟ أم هي حكومة مقاعد اختارها أقطاب “بيت بو سياسة” لأزلامهم ونوابِهم ومَحاسيبهم وأنصارهم وأتباعهم، لاستكمال عدد الحقائب التي طالبوا بِها واعتبروها حصصاً لَهم موروثةً أو مكرَّسة أو مطوّبة لَهم أو لطائفتهم أو لِمذهبهم أو لتيارهم السياسي؟
هذه الحكومة التي ستتشكّل، آجلاً أم عاجلاً أم بين بين، هل هي حكومةُ مواهب أم “كوتا” مذاهب؟
في بلدان العالم، يأتي إلى الوزارة وزيرٌ تناسِب اختصاصَه كي يكون فاعلاً فيها ومُجدياً ويقدّم إضافةً إلى تقدُّم بلاده. أما عندنا، فيأتي غالباً إلى الوزارة من هو حَبَّةٌ في مسبحة سيده، أو عصا في يده، لا ليقدِّم إضافةً إلى تقدُّم لبنان، بل ليُرضي زعيمه السياسي الذي بدوره لا يعمل لِمصلحة الأجيال المقبلة في لبنان، بل لِمصلحة الانتخابات المقبلة في دائرته الانتخابية.
وهكذا نتشجَّع كثيراً، ونغنّي: “يا مهاجرين ارجعو… غالي الوطن غالي”.