هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

658: مدارسُنا والثقافة والأخطل الصغير

الحلقة 658: مدارسُنا والثقافة والأخطل الصغير
(الأحد 9 كانون 2007)

شكراً لجامعات ومدارس أرسلَت طلابها وتلامذتها لزيارة متحف الأخطل الصغير في “الجامعة اللبنانية الأميركية”، نظَّمه طوال شهر تشرين الثاني الماضي “مركز التراث اللبناني” في الجامعة، ومدّده أُسبوعاً انتهى أمس السبت.
والدعوات التي وجّهتها الجامعة لم تستثنِ جامعةً ولا مدرسةً ولا مؤسسةً ثقافية لزيارة متحف الأخطل الصغير: معرضاً لأمتعته الشخصية، وأوراقه الخاصة، ومخطوطاته، ورسائل منه إلى كبار العصر، ورسائل كبار العصر إليه، وصور فوتوغرافية نادرة قديمة نفيسة مع كبار عصره، ومجموعة كاملة نادرة من جريدته “البرق” (منذ عددها الأول في أول أيلول 1908). كما كانت في المعرض غرفة نوم الشاعر: سريره، وخزانته، وجهاز الراديو، وطاولةٌ كان يكتب عليها ويلعب بالورق.
كلُّ هذا كان معروضاً طوال شهر كامل في الجامعة اللبنانية الأميركية (بيروت)، وزاره عدد كبير من الطلاب الجامعيين والتلامذة الثانويين والمعنيين والمهتمين.
مرة أخرى: شكراً لِمن حضر. ولكن: أيُّ عُذرٍ لِمن لم يحضر؟
في البلدان الراقية تصحب المدارس تلامذتها دورياً إلى المتاحف العامة والخاصة: متاحف الفنون التشكيلية والكبار التشكيليين، ومتاحف الأدباء والشعراء، وبيوتهم، وأماكن عاشوا فيها، أو كتبوا فيها، أو حتى مرُّوا فيها أو جلسوا فيها.
هذه الزيارات، في تلك البلدان، مدرجة في البرامِج غير الصفّية وغير المطلوبة من مناهج الدولة الرسمية، لكن المدارس تجعل هذه الزيارات عَصَباً موجِباً للتلامذة، فينْزرع فيهم، منذ سنواتهم المبكرة، حسُّ التعرُّف إلى أماكن الكبار. وتذهب مدارس إلى إعطاء التلامذة فروضاً موجِبة، بعد الزيارة، يصفون فيها ما شاهدوا، ويكتبون انطباعاتهم الشخصية.
صحيحٌ أنْ ليس عندنا الكثير من تلك المتاحف التشكيلية أو الأدبية. ولكنْ: ها هي الجامعة اللبنانية الأميركية أقامت شهراً كاملاً لمتحف شاعر كبير من عندنا هو الأخطل الصغير، فما عذرُ من لم يأتوا بتلامذتهم إلى هذا المعرض، والدعواتُ توجهت إلى الجميع في كل لبنان، والخبر انتشر في الصحافة والإعلام بتغطية مشكورة كاملة.
لا يمكن تلامذةُ لبنان أن يُحبُّوا لبنان إن لم يعرفوا كبار لبنان. وللمدارس دور أساسي في تثقيف التلامذة، لا مُجرد تعليمهم في كتب مدرسية جامدة مبادئَ اللغة والفيزياء والرياضيات والرياضة. دور المدرسة تثقيفي إلى كونه تربوياً تعليمياً، وتالياً على المدارس اصطحابُ التلامذة إلى المعالم اللبنانية الأدبيَّة والفنية والسياحية والتاريخية والأثرية، كي يتعرفَ التلامذة إلى لبنان ميدانياً عينياً، لا في صفحات كتب جامدة، لا تقدّم لهم سوى صور جامدة، ونصوص جامدة، وحصص في الصف جامدة، على لوح أخضر جامد، من معلمة جامدة، أو من برنامج رسمي منهجي جامد.
تَجربةُ متحف الأخطل الصغير في الجامعة اللبنانية الأميركية، دلَّت على أن أغلبية مدارسنا “تِجارية”، يلزمها الكثيرُ بعدُ كي تصبحَ مدارسَ على مستوى ثقافةٍ عامة تُدَرِّسُ عظمةَ لبنان.