هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

649: وقاحة الإزعاج بين الأسهم النارية والدراجات النارية

الحلقة 649: وقاحة الإزعاج بين الأسهم النارية والدراجات النارية
(الأربعاء 7 تشرين الثاني 2007)

لا تزال تتوالى عليّ وعلى “صوت لبنان” ردود شاجبةٌ، في حدّةٍ وغضب، ظاهرةَ الخطر الذي تشكّله في شوارع بيروت والمدن دراجات نارية فالتة من كل رقابة وعقوبة وتوقيف، بسبب غياب الدولة عن زجر هؤلاء الزعران الـ”بلا أخلاق” يتجوّلون بين الناس والسيارات مخالفين ولا حسيب ولا رقيب. والأنكى من كل ذلك مرور الدرّاجين الوقحين تحت أنوف رجال شرطة السير وأمام عيونهم، فلا يتحرّكون ولا يوقفون ولا يزجرون ولا يردعون هؤلاء الدبابير عن وقاحاتهم. وشدّد عدد من الأصدقاء المستمعين المتّصلين على ظاهرة “رعد” هؤلاء الدرّاجين الوقحين حين يمرون مطلقين الصوت الهادر لعوادم دراجاتهم النارية، فيُرعد الصوت بين البيوت وتحت الشرفات وعلى الطرقات العامة. ويتضاعف إزعاجهم الوقح في ساعات الليل الهادئة، وسط نوم الناس والأطفال والعُجَّز والمرضى، فيستيقظون على هدير الدراجات النارية، ويلعنون غياب هيبة الدولة لا توقف هؤلاء الزعران الـ”بلا أخلاق”. ويزداد إزعاج هؤلاء الوقحين حين يروحون يمرون مراراً وتكراراً أمام المدارس خلال الصفوف، وخصوصاً مدارس البنات فتزداد وقاحة الدرّاجين الزعران بمرورهم المتكرر المُراوح أمام ملعب المدرسة أو مدخلها لفتاً لنظر الصبايا، كما أكد المربي الدكتور حسين يتيم في اتصاله قبل أيام، ولم تنفع أيةُ اتصالات بقوى الأمن لزجر هؤلاء الزعران الوقحين وردعهم عن إزعاجهم المتمادي.
وفي السياق نفسه، أعاد الدكتور حسين يتيم ما كان أكّد عليه أصدقاء مستمعون كثرٌ من رعد آخر وإزعاج آخر وإقلاق راحة آخر، من وقاحة الذين لا يحلو لهم إطلاق الأسهم النارية إلاّ في ساعات الليل المتقدمة والناس نيام، والناس هانئون في الراحة، والناس مرعوبون من أيّ صوت قوي يخالونه انفجاراً جديداً، هم العائشون هذه الأيام في هاجس الانفجارات والتفجيرات والاغتيالات. ولم يفهم الناس، بعد، كيف هذه الأسهم النارية، ولا فاعلية لها إلاّ في العتمة، تنطلق عند منتصف الليل، لا في أول السهرة كي يخفَّ إرعابُها الناس فلا توقظُهم، وخصوصاً الأطفال بينهم والأولاد والعجّز والمرضى في المستشفيات.
وبين إزعاج الدراجات النارية وإرعاب الأسهم النارية، يتساءل الناس: ما علاقة الوضع السياسي الراهن الحالي المتوتر المشدود، حتى لا يقومَ رجال الأمن بواجباتهم التي يقبضون رواتبهم من ضرائب المواطنين كي يقوموا بها؟ أين رجال شرطة السير لا يوقفون وَقِحِي الدراجات النارية؟ وأين رجال الأمن لا يمنعون وَقِحِي الأسهُم النارية؟
رب قائل، في هذه اللحظة، إن هذا الموضوع (عن الدراجات النارية والأسهم النارية) ورد مراراً في هذا البرنامج وبات الكلام عليه تكراراً. صحيح. فهذا البرنامج “نقطة على الحرف” ليس أدباً وشعراً (مع أنني ابن الأدب والشعر) لكن هذا البرنامج عين الناس وصوت الناس ولسان الناس وضمير الناس، وإلاّ فلا معنى له ولا ضرورة.
وما دام الغلط موجوداً، فسيبقى التكرار موجوداً، وما زالت الدولة غائبة عن القيام بأبسط واجباتها تجاه المواطنين، فسيبقى هذا البرنامج حاضراً على غياب الدولة حتى تعود إلى الناس هيبة الدولة.
ورُبّ نقطةِ ماءٍ تنْزل في المكان نفسه على حجر القلعة، تحفر في جدار القلعة أخدوداً عميقاً.